فإصلاح ما بينه و
بين اللّه بتقواه المستلزم لرضاه،و لمّا كان من تقواه إصلاح قوّتي الشهوة و الغضب
اللّذين هما مبدءا الفساد بين الناس،و لزوم العدل فيهما كان من لوازم ذلك الإصلاح
إصلاح ما بينه و بين الناس .
و كذلك من لوازم
إصلاح أمر الآخرة عدم مجاذبة الناس دنياهم و الكفّ عن الشره فيما بأيديهم منها و
ذلك مع مسالمتهم و معاملتهم بمكارم الأخلاق الّتي هى من إصلاح أمر الآخرة مستلزم
انفعالهم و ميلهم إلى من كان كذلك و إقبالهم عليه بالنفع و المعونة و كفّ الأذى و
بحسب ذلك يكون صلاح دنياه،و لأنّ الدنيا المطلوبة لمن أصلح أمر آخرته سهلة و هى
مقدار حاجته على الاقتصاد و ذلك أمر قد تكفّلت العناية الإلهيّة بتهيّئه و إصلاحه
مدّة الحياة الدنيا.
و أمّا الثالثة
فلأنّ واعظ النفس باعث على تقوى اللّه و لزوم العدل في قوّتى الشهوة و الغضب
اللّذين هما مبدءا الشرّ المستلزم للهلاك في الدارين و ذلك مستلزم لحفظ اللّه
فيهما.
كناية كنّى بقوله: كلّ الفقيه
عن تمامه:أى الفقيه الكامل في فقهه.و ذلك أنّ من فقه وضع الكتاب العزيز علم أنّ
غرضه الأوّل جذب الناس إلى اللّه في سبل مخصوصة بوجوه من الترغيب و الترهيب و
الوعد و الوعيد و البشارة و النذارة و غيرها فمن ضرورته إذن أن لا يقنط الناس من
رحمة اللّه بآيات وعيده و نذارته و لا يؤيسهم
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 5 صفحه : 285