نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 3 صفحه : 425
لها و قهرها و مراقبته إيّاها،و الناس
من أذاه في راحة لذلك .
الثانية و الخمسون:كون بعده عمّن تباعد
عنه لزهده
فيما في أيدى الناس و نزاهته عنه لا عن
كبر و تعظيم عليهم،و كذلك دنوّه ممن دنا منه عن لين و رحمة منه لهم لا بمكر بهم و
خديعة لهم عن بعض المطالب كما هو عادة الخبيث المكّار. و هذه الصفات و العلامات قد
يتداخل بعضها بعضا،و لكن تورد بعبارة أخرى أو يذكر مفردة ثمّ يذكر ثانيا مركّبة مع
غيرها .و بالجملة فهذه الخطبة من جليل و بليغ وصفه و لذلك فعلت بهمّام ما
فعلت.فأمّا جوابه عليه السّلام لمن سأله بقوله : ويحك إنّ لكلّ أجل وقتا لا يعدوه
:أى ينتهى إليه و يكون غاية له لا يتجاوزها و لا يتأخّر عنها،و الضمير في يعدوه
للأجل. و سببا لا يتجاوزه :أى و لذلك الأجل سبب:أى علّة فاعلة لا يتعدّاها إلى
غيرها من الأسباب فمنها ما يكون موعظة بالغة كهذه.فهو جواب مقنع للسامع مع أنّه
حقّ و صدق،و هو إشارة إلى السبب الأبعد لبقائه عليه السّلام عند سماع المواعظ
البالغة و هو الأجل المحكوم به للقضاء الإلهىّ،و أمّا السبب القريب للفرق بينه و
بين همّام و نحوه فقوّة نفسه القدسيّة على قبول الواردات الإلهيّة و تعوّده بها و
بلوغ رياضته حدّ السكينة عند ورود أكثرها و ضعف نفس همّام عمّا ورد عليه من خوف
اللّه و رجائه.و لم يجب عليه السّلام بمثل هذا الجواب لاستلزامه تفضيل نفسه،أو
لقصور فهم السائل.و نهيه له عن مثل هذا السؤال و التنفير عنه كونه من نفثات
الشيطان لوضعه في غير موضعه و هو من آثار الشيطان.و باللّه العصمة و التوفيق.