نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 43
لسبق مثله،و أمّا نصبه ففيه شكّ.إذ
يحتمل أن يقال:إنّ المضمار زمان و اليوم زمان فلو أخبرنا عنه باليوم لكان ذلك
إخبارا بوقوع الزمان في الزمان فيكون الزمان محتاجا إلى زمان آخر.و ذلك محال.و
جوابه:لا نسلّم أنّ الإخبار بوقوع الزمان في الزمان محوج للزمان إلى زمان آخر.فإنّ
بعض أجزاء الزمان قد يخبر عنها بالزمان بمعنى أنّها أجزاؤه و الجزء في الكلّ لا
بمعنى أنّها حاصله في زمان آخر.و إن كان إنّما يحسن الإخبار عنها به إذا قيّدت
بوصف و اشتملت على أحداث يتخصّص بها كما تقول:
أنّ مصطبح القوم اليوم.فكذلك المضمار
لمّا كان وقتا مشتملا على التضمير و هو حدث صحّ الإخبار عنه باليوم.و أمّا نصب
السباق فلأنّه اسم إنّ أى كناية-استعارة و إنّ غدا السباق و كنّى بغد عمّا بعد
الموت ،و أمّا رفعه فلا وجه له إلاّ أن يكون مبتدأ خبره غدا و يكون اسم إنّ ضمير
الشأن.و قال بعض الشارحين:يجوز أن يكون خبر إنّ.و هو ظاهر الفساد لأنّ الحكم بشيء
على شيء إمّا بمعنى أنّه هو هو كما يقال:الإنسان هو الضحّاك.و هو ما يسمّيه
المنطقيّون حمل المواطاة،أو على أنّ المحكوم عليه ذو المحكوم به كما يقال:الجسم
أبيض أى ذو بياض.و هو ما يسمّونه حمل الاشتقاق.و لا واحد من المعنيين بحاصل في
الحكم بالسباق على غد.فيمتنع أن يكون خبر إنّ،اللّهم إلاّ على تقدير حذف المضاف و
إقامة المضاف إليه مقامه:أى و إنّ غدا وقت السباق.لكن لا يكون السباق هو الخبر في
الحقيقة.
ثمّ إن قلنا:إنّ السباق مصدر.كان
التقدير ضمّروا أنفسكم اليوم فإنّكم غدا تستبقون.
و تحقيق ذلك أنّ الإنسان كلّما كان أكمل
في قوّتيه النظريّة و العمليّة كان وصوله إلى حضرة القدس قبل وصول من هو أنقص منه
و لمّا كان مبدء النقصان في هاتين القوّتين إنّما هو محبّة ما عدا الواحد الحقّ،و
اتّباع الشهوات،و الميل إلى أنواع اللذّات الفانية، و الإعراض بسبب ذلك عن تولّى
القبلة الحقيقيّة.و مبدء الكمال فيهما هو الإعراض عمّا عدا الواحد الحقّ من الامور
المعدودة،و الإقبال عليه بالكلّية.و كان الناس في محبّة الدنيا و في الإعراض عنها
و الاستكمال بطاعة اللّه على مراتب مختلفة و درجات متفاوته كان كون اليوم هو المضمار
و غدا السباق متصوّرا جليّا.فإنّ كلّ من كان أكثر استعدادا و أقطع لعلائق الدنيا
عن قلبه لم يكن له بعد الموت عائق يعوقه عن الوصول إلى اللّه
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 43