نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 335
الانتقالات في مفهومات صفات اللّه تعالى
و مراتب عرفانه و معرفة ملائكته و مراتبهم و كمالاتهم و ساير حجب الأنوار الّتى
حجب بها أهل القسم الثالث ،و الراسخون الّذين أشار إليهم هم في ظاهر كلامه
الواقفون في المرتبة الاولى و هم الّذين اقتصروا في صفات اللّه و ملائكته و عالم
غيبه على ما وقفتهم الشريعة عليه على سبيل الجملة كما أوصل إلى أفهامهم الرسول صلى
اللّه عليه و آله و سلّم و عقلوا في وصفه تعالى بصفات الكمال و نعوت الجلال أنّه
ليس على حدّ وصف البشر بها و رسخ في أذهانهم ما تصوّروه إجمالا لو فصّل لكان
مطابقا.و من أعدّته العناية الإلهيّة لقبول التفصيل وصل إليه.و بقى هاهنا بحث لطيف
و هو أنّه لمّا كان التكليف في نفس الأمر إنّما هو على قدر العقول و تفاوت مراتبها
و لذلك قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم بعثت لأكلّم الناس على قدر عقولهم.كان كلّ
عقل قوى على رفع حجاب من حجب الغيب و قصر عمّا ورائه و اعترف به و بالعجز عنه فذلك
تكليفه و هو من الراسخين فعلى هذا الرسوخ ليس مرتبة واحدة هى تقليد ظواهر الشريعة
و اعتقاد حقيّتها فقط بل تقليدها مرتبة اولى من مراتب الرسوخ و ما ورائها مراتب
غير متناهية بحسب مراتب السلوك و قوّة السالكين على رفع حجب الأنوار الّتى أشرنا
إليها و كلامه عليه السّلام لا ينافي ما قلناه بل يصدق إذا نزّل عليه فإنّ قوله :
و سمّى ترك التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخا صادق أيضا على من قطع
جملة من منازل السلوك و عجز عمّا ورائها فوقف ذهنه عن التعمّق فيه و البحث إذ لا
يكلّف بما لا يفي به قوّته .
[و قوله:فاقتصر على ذلك]
و قوله: فاقتصر على ذلك :أى على ما نطق
به الكتاب العزيز و دلّت عليه السنّة النبويّة و أرشدت إليه أئمّة الهدى .
[و قوله:و لا تقدّر عظمة اللّه تعالى
على قدر عقلك فتكون من الهالكين.]
و قوله: و لا تقدّر عظمة اللّه تعالى
على قدر عقلك فتكون من الهالكين.
فالمقدّر لعظمة اللّه بقدر عقله هو
المعتقد أنّ عقله قدّره و أحاط به علما و هو تصغير لعظمة اللّه بحسب عقله الضعيف و
عظمة اللّه تعالى أعظم و أجلّ من أن يضبطها عقل بشرى، و إنّما ينشأ ذلك الحكم لمن
حصل له هو الوهم الحاكم بمثليّة اللّه تعالى لمدركاته من الأجسام و الجسمانيّات،و
ذلك في الحقيقة كفر لاعتقاد غير الصانع صانعا و ضلال عن طريق معرفة اللّه و هو
مستلزم للهلاك في تيه الجهل.
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 335