responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 24

عليهم ما هم فيه من حاضر لذّتهم مع براءتها عن الشروط و التكاليف الشاقّة فلذلك قلّما يلتفتون إلى الوعد عمّا هم فيه.فكان السبب الأقوى في الردع و الالتفات إلى اللّه إنّما هو الإنذار و التخويف فإذا انضمّ إليه الوعد أفاد المجموع الغاية.و لمّا كان مقصوده عليه السّلام في هذا الموضع التوبيخ المطلق للعرب و ترقيق قلوبهم المشتملة على الفظاظة و القسوة كان الأليق هاهنا ذكر إنذار النبيّ للعالمين ليتذكّروا بذلك تفصيل الإنذارات الواردة في القرآن و السنّة،ثمّ أردف ذلك بذكر كونه أمينا على التنزيل ليتذكّروا أنّ الإنذارات الواردة هى من عند اللّه تعالى أتى بها الرسول غير خائن فيها بتبديل أو زيادة أو نقصان فيتأكّد في قلوبهم ما قد علموه من ذلك ليكون أدعى لهم إلى الانفعال عن أقوله،ثمّ شرع بعده في اقتصاص أحوالهم الّتي كانوا عليها ،و الواو في قوله: و أنتم.

للحال أي حال ما كنتم بهذه الصفات بعث محمّدا،و ذكر أحوالهم في معرض الذمّ لهم.

فذكر أنّهم كانوا على شرّ دين ،و هو عبادة الأصنام من دون اللّه.و أعظم بذلك افتضاحا لمن عقل منهم أسرار الشريعة و عرف اللّه سبحانه.فلا أحسبه عند سماع هذا التوبيخ إلاّ خجلا ممّا فرّط في جنب اللّه و يقول: «يٰا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً» ،ثمّ أردف ذلك بتذكيرهم ما كانوا فيه من شرّ دار .و أراد نجد أو تهامة و أرض الحجاز،و بيّن كونها شرّا ببيان فساد أحوالهم،أمّا في مساكنهم فبانا ختهم بين الحجارة السود الخشن الّتي لا نداوة بها و لا نبات، و الحيّات الصمّ الّتي لا علاج لسمومها.و وصفها بالصمّ.لأنّ حيات تلك الأرض على غاية من القوّة و حدّة السموم لاستيلاء الحرارة و اليبس عليها ،و أمّا في مشربهم فلأنّ الغالب علي المياه الّتي يشربونها أن يكون كدرة لا يكاد غير المعتاد بها أن يقبل عليها مع العطش إلاّ عند الضرورة،و السبب الغالب في ذلك عدم إقامتهم بالمكان الواحد بل هم أبدا في الحلّ و الارتحال،و لا يحتفرون المياه و يصلحونها إلاّ ريثماهم عليها.فربما كان بعضهم يحتفر و بعضهم يشرب.و مشاهدتهم توضح ذلك،و أمّا في مأكلهم فجشوبتها ظاهرة فإنّك تجد عامّتهم يأكل ما دبّ من حيوان،و سئل بعض العرب أىّ الحيوانات تأكلون في البادية؟فقال:نأكل كلّ ما دبّ و درج إلاّ امّ حيين(امّ جبين خ)فقال السائل:ليت تدرى أمّ حيين السلامة.قال صاحب الجمل:و أمّ جبين:دويبة قدر كفّ الإنسان.و بعضهم يخلط الشعر بنوى التمر و يطحنها

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست