responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 209

«هُوَ قٰائِمٌ عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ» 1 و قال «إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً» 2قال الإمام الغزّالىّ:و حقيقتها أنّها حالة للنفس بثمرها نوع من المعرفة،و تثمر أعمالا في الجوارح و القلب:أمّا الحالة فهى مراعاة القلب للرقيب و اشتغاله به،و أمّا العلم المثمر لها فهو العلم بأنّ اللّه تعالى مطّلع على الضمائر و السرائر قائم «عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ» و أنّ سرّ القلوب مكشوف له كظاهر البشرة للخلق بل هو أشدّ فهذه المعرفة إذا استولت على القلب و لم يبق فيها شبهة فلا بدّ أن تجذبه إلى مراعات الرقيب.و الموقنون بهذه المعرفة فمنهم الصدّيقون و مراقبتهم التعظيم و الإجلال و استغراق القلب بملاحظة ذلك الجلال و الانكسار تحت الهيبة و العظمة بحيث لا يبقى فيه متّسع للالتفات إلى الغير أصلا.و هى مراقبة مقصورة على القلب.أمّا الجوارح فإنّها تتعطّل عن التلفّت إلى المباحات فضلا عن المحظورات،و إذا تحرّكت بالطاعة كانت كالمستعمل لها فلا تصلح لغيرها و لا يحتاج إلى تدبير في ضبطها على سنن السداد،و من نال هذه الرتبة فقد يغفل عن الخلق حتّى لا يبصرهم و لا يسمع أقوالهم.و مثّل هذا بمن يحضر في خدمة ملك عظيم فإنّ بعضهم قد لا يحسّ بما يجرى في حضرة الملك من استغراقه بهيبته،و بمن يشغله أمر مهمّ يفكّر فيه.

و روى:أنّ يحيى بن زكريّا عليه السّلام مرّ بامراة فدفعها على وجهها.فقيل له:لم فعلت؟فقال:

ما ظننتها إلاّ جدارا.الثانية مراقبة الورعين من أصحاب اليمين و هم قوم غلب بعض اطّلاع اللّه تعالى على قلوبهم و لكن لم تدهشهم ملاحظة الجلال بل بقيت قلوبهم على الاعتدال متّسعة للتلفّت إلى الأقوال و الأعمال إلاّ أنّها مع مدارستها للعمل لا تخلو عن المراقبة،و قد غلب الحياء من اللّه على قلوبهم فلا يقدمون و لا يجمحون إلاّ عن تثبّت فيمتنعون عن كلّ أمر فاضح في القيامة إذ يرون اللّه تعالى مشاهدا لأعمالهم في الدنيا كما يرونه في القيامة.و من كان في هذه الدرجة فيحتاج أن يراقب جميع حركاته و سكناته و لحظاته و جميع اختياراته و يرصد كلّ خاطر يسنح له فإن كان إلهيّا يعجّل مقتضاه و إن كانت شيطانيّا بادر إلى قمعه و استحيا من ربّه و لام نفسه على اتّباع هواه فيه و إن شكّ فيه توقّف إلى أن يظهر له بنور اللّه سبحانه من أىّ جانب هو كما قال عليه السّلام:الهوى شريك

1) 13-33

2) 4-1.

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست