أقول: عشا إلى النار : استدلّ عليها
ببصر ضعيف .و باء بإثمه : أى رجع به .
[المعنى ]
و هذا الفصل مناسب للّذي قبله.و السبب
فيه أنّ أصحابه لمّا طال منعه لهم عن قتال أهل الشام ألحّوا عليه في طلبه حتّى
نسبه بعضهم إلى العجز و كراهيّة الموت، و نسبه بعضهم إلى الشكّ في وجوب قتال هؤلاء
.فأورد عليه السّلام شبهة الأوّلين و هى قوله:
أ كلّ ذلك كراهيّة الموت ،و روى كراهيّة
بالنصب على المفعول و سدّ مسدّ الخبر.
و أجاب عنها بقوله : فو اللّه ما
ابالى.إلى قوله:إلىّ ،و صدق هذا الدعوى المؤكّدة بالقسم البارّ ظاهر منه فإنّ
العارف بمعزل عن تقيّة الموت خصوصا نفسه القدسيّة كما سبق، مجاز و نسبة الدخول على
الموت و الخروج إليه نسبة مجازيّة تستلزم ملاحظة تشبيهه بحيوان مخوف .ثمّ أورد
الشبهة الثانية و هى قوله: و أمّا قولكم شكّا في أهل الشام و أجاب عنها بقوله: فو
اللّه ما دفعت الحرب :إلي آخره،و تقريره أنّ المطلوب الأوّل من الأنبياء و
الأولياء إنّما هو اهتداء الخلق بهم من ظلمة الجهل،و استقامة امورهم في معاشهم و
معادهم بوجودهم،و إذا كان هذا هو المطلوب الذّاتى له عليه السّلام من طلب هذا
الأمر و القتال عليه و كان تحصيل المطالب كلّما كان ألطف و أسهل من القتل و القتال
كان أولى لا جرم كان انتظاره بالحرب و مدافعتها يوما فيوما إنّما هو انتظار و طمع
أن يلحق به منهم من تجذب العناية الإلهيّة بذهنه إلى الحقّ فيهتدى به في طريق
اللّه و يعشو
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 145