responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 132

و ذلك لكونه مقصورا لحكم على المحسوسات،و نحن لمّا بيّنا أنّ علوّه على خلقه و قربه منهم ليس علوّا و قربا مكانيّين بل بمعان اخرى لا جرم لم يكن استعلاؤه بذلك المعنى على مخلوقاته مباعدا له عن شيء منها و لم يكن منافيا لقربه بالمعنى الّذي ذكرناه بل كان الاستعلاء و القرب مجتمعين له،و لم يكن قربه منها أيضا موجبا لمساواته لها في المكان عنادا للوهم و ردّا لأحكامه الفاسدة في صفات الجلال و نعوت الكمال .

و سادسها:كونه لم تطّلع العقول على تحديد صفته و لم يحجبها عن واجب

معرفته.

و يفهم من صفته معنيان:أحدهما شرح حقيقة ذاته،و الثاني شرح ما لها من صفات الكمال المطلق.و ظاهر أنّ العقول لم تطّلع على حصر صفته و تحديدها بالمعنى الأوّل إذ لا حدّ لحقيقته،و لا بالمعنى الثاني أيضا إذ ليس لما يعتبره العقول من كماله سبحانه نهاية يقف عندها فتكون حدّا له،و أمّا أنّه سبحانه مع ذلك لم يحجبها عن و أحب معرفته فلأنّه تعالى وهب لكلّ نفس قسطا من معرفته هو الواجب لها بحسب استعدادها لقبوله حتّى نفوس الجاحدين له فإنّها أيضا معترفة بوجوده لشهادة أعلام الوجود و آيات الصنع له على نفس كلّ جاحد بصدورها عنه بحيث يحكم صريح عقلها و بديهتها بالحاجة لما يشاهده من تلك الآيات إلى صانع حكيم فهو الّذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب كلّ من جحده بأنّ جحده له إنّما هو رأى اتّبع فيه وهمه مع إقرار قلبه بالتصديق به و شهادة آيات الصنع و شواهد الآثار على صحّة ذلك الإقرار.

و اعلم أنّ الجحود على نوعين:أحدهما جحود تشبيه إذا المشبّهون للّه بخلقه و إن اختلفوا في كيفيّة التشبيه بأسرهم جاحدون له في الحقيقة.و ذلك أنّ المعنى الّذي يتصوّرونه و يبتّتونه إلها ليس هو نفس الإله مع أنّهم ينفون ما سوى ذلك فكانوا نافين للإله الحقّ في المعنى الّذي يتصوّرونه،و الثاني جحود من لم يثبت صانعا.و كلا الفريقين جاحد له من وجه،مثبت له من وجه.أمّا المشبّهون فمثبتون له صريحا جاحدون له لزوما،و أمّا الآخرون فبالعكس إذ كانوا جاحدين له صريحا من الجهة الّتي تثبته العقلاء بها و مقرّون به التزاما و اضطرارا،و لذلك نزّهه عليه السّلام على أحوال الفريقين فقال عليه السّلام :تعالى اللّه عمّا يقول المشبّهون به و الجاحدون له علوّا كبيرا ،و حكى أنّ زنديقا دخل على

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست