responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 120

إحداهما منسوبة إلى القوّة الذائقة و هي حلاوتها،و الاخرى إلى القوّة الباصرة و هي خضرتها. مجاز بالكناية و إطلاق لفظيهما مجاز كنّى به عن جهات الميل إليها من باب إطلاق لفظ الجزء على الكلّ .و ايراده لهذين الوصفين اللذين هما و صفا مدح في معرض ذمّها كتقدير اعتراض على ذمّها لغرض أن يجيب عنه،و لهذا عقّب ذكرهما بما يصلح جوابا و بيّنة على ما يصرف عن الميل إليها من هاتين الجهتين و هو كونها معجّلة للطالب.إذ كان من شأن المعجّل أن ينتفع به في حال تعجيله دون ما بعده خصوصا في حقّ من أحبّ ذلك المعجّل و لم يلتفت إلى ما سواه.و الدنيا كذلك كما أشار إليه بقوله : و التبست بقلب الناظر ، و إنّما خصّ الناظر لتقدّم ذكر الخضرة الّتي هي من حظّ النظر فمن عجّلت له منحة و التبست بقلبه و كان لا بدّ من مفارقتها لم ينتفع بما بعدها بل بقى في عذاب الفراق منكوسا و في ظلمة الوحشة محبوسا،و إليه أشار التنزيل الإلهىّ «مَنْ كٰانَ يُرِيدُ الْعٰاجِلَةَ عَجَّلْنٰا لَهُ فِيهٰا مٰا نَشٰاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنٰا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاٰهٰا مَذْمُوماً مَدْحُوراً» 1ثمّ لمّا نبّه على معايبها أمر بالارتحال عنها و لم يأمر به مطلقا بل لا بدّ معه من استصحاب أحسن الأزواد إذ كانت الطريق المأمور بسلوكها في غاية الوعارة مع طولها و قصر المدّة الّتي يتّخذ فيها الزاد فلا ينفع إذن إلاّ التقوى الأبقى الّذي لا يتطرّق إليه فناء.و لا تفهمّن-أعدّك اللّه لافاضة رحمته-من هذا الارتحال الحسّى الحاصل لك من بعضها إلى بعض،و لا من الزاد المأكول الحيوانىّ فإنّ أحسن ما يحضرنا منه ربّما كان منهيّا عنه،بل المأمور به ارتحال آخر يتبيّنه من تصوّر سلوك طريق الآخرة.فإنّك لمّا علمت أنّ الغاية من التكاليف البشريّة هي الوصول إلى حضرة اللّه و مشاهدة جلال كبريائه علمت من ذلك أنّ الطريق إلى هذا المطلوب هى آثار جوده و شواهد آلائه و أنّ القاطع لمراحل تلك الطريق و منازلها هو قدم عقلك مقتديا بأعلامها الواضحة كلّما نزل منها منزلا أعدّته المعرفة به لاستلاحة أعلام منزل آخر أعلى و أكرم منه كما قال تعالى «لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» إلى أن يستقرّ «فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» ،و إذا تصوّرت معنى الارتحال و قد علمت أنّ لكلّ ارتحال و سفر زادا علمت أنّ أكرم الزاد و أحسنه في هذا الطريق

1) 17-19

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست