responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 299

من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات حجزه التقوى عن تقحّم الشبهات،و بيان الملازمة أنّ من أخذت العناية بزمام عقله فأعدّت نور بصيرته لمشاهدة ما صرّحت به آفات الدنيا،و كشفت عبرها من تبدّل حالاتها و تغيّراتها على من أوقف عليها همّه و أتخذها دار الإقامة فشاهد أنّ كلّ ذلك امور باطلة و أطلال زائلة،فلا بدّ أن يفيض اللّه على قلبه صورة خشيته و تقواه فتستلزم تلك الخشية توقّفه و امتناعه عن أن يلقى نفسه في تلك الامور الزائلة و الشبهات الباطلة لإشراق نور الحقّ الواضح على لوح نفسه بالاعتبار،فالتقوى اللازم له هو الحاجز عن ذلك التقحّم،و أشار بالشبهات إلى ما يتوهّم كونه حقّا ثابتا باقيا من الامور الفانية الزائلة و اللذّات الدنيويّة الباطلة فالوهم يصوّرها و يشبّهها بالحقّ فلذلك سمّيت شبهات،و العقل الخارج من أسر الهوى قوّى على نقد الحقّ و تمييزه عن الشبهة، و أكّد هذه الملازمة برهن ذمّته على صحّتها و كفالته بصدقها،و ذلك استعارة قوله ذمّتي بما أقول رهينة و أنا به زعيم و استعمال الرهن استعارة كقوله تعالى «كُلُّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» و اعلم أنّه ربّما التبس عليك حقيقة التقوى،فنقول:التقوى بحسب العرف الشرعيّ يعود إلى خشية الحقّ سبحانه المستلزم للإعراض عن كلّ ما يوجب الالتفات عنه من متاع الدنيا و زينتها و تنحية مادون وجهه عن جهة القصد،و لمّا كان الترك و الإعراض المذكور هو الزهد الحقّقي كما علمت،و كان التقوى وسيلة إليه علمت أنّه من أقوى الجواذب إلى اللّه الرادعة عن الالتفات إلى ما سواه و قد ورد التقوى بمعنى الخشية من اللّه تعالى في أوّل النساء «يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ» و مثله في أوّل الحجّ،و في الشعراء «إِذْ قٰالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لاٰ تَتَّقُونَ» و كذلك قول هود و صالح و لوط و شعيب لقومهم،و في العنكبوت و إبراهيم «إِذْ قٰالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ اتَّقُوهُ» و قوله «اتَّقُوا اللّٰهَ حَقَّ تُقٰاتِهِ» و قوله «وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّٰادِ التَّقْوىٰ» و كذلك في سائر آيات القرآن و إن كان قد حمله بعض المفسّرين تارة على الإيمان كما في قوله تعالى «وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوىٰ» و تارة على التوبة كما في قوله «وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرىٰ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا» و تارة على ترك المعصية كما في قوله «وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوٰابِهٰا وَ اتَّقُوا اللّٰهَ» و إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه لمّا نبّههم على لزوم التقوى و أنّه مخلص من تقحّم الشبهات نبّههم بعده على أنّهم في الشبهات مغمورون بقوله ألا و إنّ بليّتكم قد عادت

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست