responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 267

«الْحَبِّ وَ النَّوىٰ» و إنّما خصّ الحبّة و النسمة بالتعظيم بالنسبة إلى اللّه تعالى لما يشتملان عليه من لطف الخلقة و صغر الحجم من أسرار الحكمة و بدائع الصنع الدالّة على وجود الصانع الحكيم،أمّا «فٰالِقُ الْحَبِّ» ففيه قولان:أحدهما قال ابن عبّاس و الضحاك: «فٰالِقُ الْحَبِّ» أي خالقه فعلى هذا يكون معنى قوله عليه السّلام فلق الحبّة كقوله فطر الخلائق بقدرته ،الثاني و هو الّذي عليه جمهور المفسّرين أنّ فلق الحبّة هو الشقّ الّذي في وسطها،و تقرير هذا القول أنّ الحبّة من الحنطة مثلا لمّا كانت من غايتها أن تكون شجرة مثمرة تنتفع بها الحيوان جعل اللّه سبحانه في وسطها ذلك الشقّ حتّى إذا وقعت في الأرض الرطبة ثمّ مرّت بها مدّة من الزمان جعل سبحانه الطرف الأعلى من ذلك الشقّ مبدء لخروج الشجرة الصاعدة إلى الهواء و الطرف الأسفل مبدء للعروق الهابطة إلى الأرض الّتي منها مادّة تلك الشجرة،و في ذلك بدائع من الحكمة شاهدة بوجود المدبّر الحكيم:أحدها أن تكون طبيعة تلك الحبّة إن كانت تقتضى الهوى في عمق الأرض فكيف تولّدت منها الشجرة الصاعدة في الهواء و على العكس،فلمّا تولّد منها أمران متضادّان علمنا أنّ ذلك ليس لمجرّد الطبيعة بل بمقتضى الحكمة الإلهيّة،و ثانيها أنّا نشاهد أطراف تلك العروق في غاية الدقّة و اللطافة بحيث لو دلكها الإنسان بأدنى قوّة دلكا لصارت كالماء ثمّ إنّها مع غاية تلك اللطافة تقوى على خرق الأرض الصلبة و تنفذ في مسام الأحجار فحصول هذه القوّة الشديدة لهذه الأجرام اللطيفة الضعيفة لا بدّ و أن يكون بتقدير العزيز الحكيم،و ثالثها أنّك قد تجد الطبائع الأربع حاصلة في الفاكهة الواحدة كالاترج فإنّ قشره حارّ يابس،و لحمه بارد رطب، و حماضه بارد يابس،و برزه حار يابس.فتولّد هذه الطبائع المتضادّة من الحبّة الواحدة لابدّ و أن يكون بتقدير الفاعل الحكيم،و رابعها أنّك إذا نظرت إلى ورقة من أوراق الشجره المبدعة عن الحبّة وجدت في وسطه خطّا مستقيما كالنخاع بالنسبة إلى بدن الإنسان ثمّ لا يزال ينفصل عنه شعب و عن الشعب شعب اخرى إلى أن يستدقّ،و يخرج تلك الخطوط عن إدراك البصر،و الحكمة الإلهيّة إنّما اقتضت ذلك لتقوى القوّة الجاذبة المركوزه في جرم تلك الورقة على جذب الأجزاء اللطيفه الأرضيّة في تلك المجارى الضيّقة،و إذا وقفت على عناية اللّه سبحانه في تكوّن تلك الورقة الواحدة الواقعة علمت أنّ عنايته في جمله الشجرة

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست