نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 255
مقامه في موضعه
ثمّ أكّد ذلك استعارة بالكناية بقوله ينحدر عنّي السيل و لا يرقى إليّ الطير
فاستعار لنفسه و صفين:أحدهما كونه ينحدر عنه السيل و هو من أوصاف الجبل و الأماكن
المرتفعة،و كنّى به عن علوّه و شرفه مع فيضان العلوم و التدبيرات السياسيّة عنه،و
استعار لتلك الكمالات لفظ السيل،و الثاني أنّه لا يرقي إليه الطير و هو كناية عن
غاية اخرى من العلوّ إذ ليس كلّ مكان علا بحيث ينحدر عنه السيل وجب أن لا يرقى
إليه الطير فكان ذلك علوّا أزيد كما قال أبو تمام:
مكارم لجتّ في
علوّ كأنّما تحاول ثارا عند بعض الكواكب .
استعارة بالكناية
قوله فسدلت دونها ثوبا .كناية عن احتجابه عن طلبها،و المبالغة فيها بحجاب الإعراض
عنها،و استعار لذلك الحجاب لفظ الثوب استعارة لفظ المحسوس للمعقول،و كذلك قوله و
طويت عنها كشحا تنزيل لها منزلة المأكول الّذي منع نفسه من أكله فلم يشتمل عليه
كشحه،و قيل:أراد بطيّ الكشح التفاته عنها كما يفعل المعرض عمّن إلى جانبه قال:طوى
كشحه عنّي و أعرض جانبا .
استعارة بالكناية
قوله و طفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخيه عمياء يريد أنّي جعلت
اجيل الفكر في تدبير أمر الخلافة و أردّه بين طرفي نقيض إمّا أن أصول على من حازها
دوني أو أن أترك،و في كلّ واحد من هذين القسمين خطر أمّا القيام فبيد جذّاء و هو
غير جائز لما فيه من التغرير بالنفس و تشويش نظام المسلمين من غير فائدة،استعارةو
استعار وصف الجذّاء لعدم الناصر،و وجه المشابهة أنّ قطع اليد لمّا كان مستلزما
لعدم القدرة على التصرّف بها و الصولة و كان عدم الناصر بها و المؤيّد مستلزما
لذلك لا جرم حسنت الاستعارة،و أمّا الترك ففيه الصبر على مشاهد التباس الامور و
اختلاطها و عدم تمييز الحقّ و تجريده عن الباطل و ذلك في غاية الشدّة و البلاء
أيضا،و استعار لذلك الالتباس لفظ الطخية و هو استعارة لفظ المحسوس للمعقول،و وجه
المشابهة أنّ الظلمة كما لا يهتدى فيها للمطلوب كذلك اختلاط الامور هاهنا لا يهتدى
معها لتمييز الحقّ و كيفيّة السلوك إلى اللّه،و وصف الطخية بالمعنى أيضا على وجه
الاستعارة فإنّ الأعمى لمّا لم يكن ليهتدي لمطالبه كذلك هذه الظلمة لا يهتدى فيها
للحقّ و لزومه،ثمّ كنّى عن شدّة ذلك الاختلاط و مقاساة الخلق بسبب عدم انتظام
الأحوال و طول مدّة ذلك بأوصاف
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 255