responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 194

العداوة و لأنّ نظام أمر النفس و مصلحتها لا يتمّ إلاّ بقهر الوهم و القوى البدنيّة عن مقتضيات طباعها،و تمام مطالب القوى لا يحصل إلاّ بانقهار النفس فكانت بينهما مجاذبة طبيعيّة و عداوة أصليّة إذ لا معنى للمعاداة إلاّ المجانبة لما يتصوّر كونه موذيا.

قوله فاغترّه عدّوه نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار.

أقول:يقال:إنّ اللّه تعالى لمّا حذّره إبليس و عداوته كان قد نهاه عن أكل شجرة يقال إنّها شجرة البرّ،و أعلمه أنّه إن أكل منها كان ظالما لنفسه مستحقّا لسخط اللّه عليه و ذلك قوله تعالى «وَ لاٰ تَقْرَبٰا هٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونٰا مِنَ الظّٰالِمِينَ» 1قالوا:و تلك الشجرة هي الشجرة الخبيثة الّتي اجتثّت من فوق الأرض مالها من قرار و هي عائدة إلى المشتهيات الدنيويّة الفانية و اللذّات البدنيّة الخارجة عن المحدودات في أوامر اللّه،و تناولها هو العبور فيها إلى طرف الإفراط عن وسط القانون العدل،و أمّا كونها شجرة البرّ فقالوا:إنّ البرّ لمّا كان هو قوام الأبدان و عليه الاعتماد في أنواع المطعومات و الملاذ البدنيّة حسن أن يعبّر به عنها فيقال هي شجرة البرّ كناية عن الفرع بالأصل،فأمّا اغترار إبليس له فاعلم أنّ حقيقة الغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى و يميل إليه بالطبع عن شبهة و خدعة من إبليس فاغتراره يعود إلى استغفال النفس بالوسوسة الّتي حكى اللّه تعالى عنها بقوله «فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطٰانُ قٰالَ يٰا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لاٰ يَبْلىٰ» 2و لنبحث حقيقة الوسوسة فنقول:إنّ الفعل إنّما يصدر عن الإنسان بواسطة امور مترتّبة ترتيبا طبيعيّا أوّلها تصوّر كون الفعل ملائما و هو المسمّى بالداعي،ثمّ إنّ ذلك الشعور يترتّب عليه ميل النفس إلى الفعل المسمّى ذلك الميل إرادة فيترتّب على ذلك الميل حركة القوّة النزوعيّة المحرّكة للقوّة المسمّاة قدرة المحرّكة للعضل إلى الفعل.إذا عرفت ذلك فنقول:صدور الفعل عن مجموع القدرة و الإرادة أمر واجب فليس للشيطان فيه مدخل،و وجود الميل عن تصوّر كونه نافعا و خيرا أمر لازم فلا مدخل للشيطان أيضا فيه فلم يبق له مدخل إلاّ في إلقاء ما يتوهّم كونه نافعا أو لذيذا إلى النفس ممّا يخالف أمر اللّه سبحانه فذلك الإلقاء في الحقيقة هو الوسوسة و هو عين ما حكى اللّه سبحانه عنه بقوله

«وَ مٰا كٰانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطٰانٍ»

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست