نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 190
الأربع الّتي
ذكرها عليه السّلام و هي الحرارة و البرودة و الرطوبة الّتي هي البلّة و اليبس
الّذي هو الجمود،و عبّر عنه بلازمه و هو الجمود على أنّ الجمود في اللغة هو اليبس
أيضا و أمّا الأخلاط المتبائنة فهي الأخلاط الأربعة كما عرفت من الدم و البلغم و
الصفراء و السوداء، و أمّا المساءة و السرور فهما من الكيفيّات النفسانيّة و
مهيّة.كلّ منهما ظاهرة،و أمّا أسبابهما فاعلم أنّ للسرور سببا جسمانيّا معدّا و هو
كون حامله الّذي هو الروح النفساني على كمال أحواله في الكميّة لأنّ زيادة الجوهر
في الكمّ يوجب زيادة القوّة في الكيفيّة و هي أن يكون معتدلا في اللطافة و الغلظ و
أن يكون شديد الصفا،و أمّا السبب الفاعلي له فالأصل فيه تخيّل الكمال كالعلم و
القدرة و الإحساس بالمحسوسات الملائمة و التمكّن من تحصيل المرادات و القهر و
الاستيلاء على الغير و الخروج عن المولم و تذكر الملذّات،و أمّا أسباب الغم فمقابلات
هذه أمّا السبب المعدّ الجسمانيّ فهو إمّا قلّة الروح كما للناقهين و المنهوكين
بالأمراض و المشايخ،و أمّا غلظة فكما للسوداويين و أمّا رقّة كما للنساء و أمّا
الفاعلي فمقابل أسباب السرور،و قد يشتدّ كلّ منهما بعد الأسباب المذكورة بتكرّره
فيصير السرور أو الغم ملكة و يسمّى صاحبه مفراحا أو محزانا و مقصوده عليه السّلام
التنبيه على أنّ طبيعة الإنسان فيها قوّة قبول و استعداد لهذه الكيفيّات و
أمثالها،و تلك القوّة هي المراد بطينة المساءة و السرور و الفرق بينها و بين
الاستعداد أنّ القوّة تكون على الضدّين و الاستعداد لا يكون إلاّ لأحدهما.
و قوله استأدى
اللّه سبحانه الملائكة وديعته لديهم و عهد وصيّته إليهم إلى قوله إلاّ إبليس.
أقول:لمّا كان
الّذي يشير إليه كلّ إنسان بقوله أنا هو النفس الناطقة كان آدم عندهم عبارة عن
النفس الناطقة ثمّ قالوا:المراد بالملائكة الّذين امروا بالسجود لآدم هي القوى
البدنيّة الّتي امرت بالخضوع و الخشوع لتكرمة النفس العاقلة،و الانقياد تحت حكمها
و هو الأمر الّذي لأجله خلقوا أمّا عهد اللّه لديهم و وصيّته إليهم فهو المشار
إليه بقوله تعالى «إِذْ قٰالَ رَبُّكَ لِلْمَلاٰئِكَةِ إِنِّي
خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ
مِنْ»