نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 155
كون السماء رتقا
أنّها كانت لا تمطر و كانت الأرض رتقا أي لا تنبت نباتا ففتق اللّه السماء بالمطر
و الأرض بالنبات،و يؤيّد ذلك قوله تعالى بعد ذلك «وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ
كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ» و نظيره قوله تعالى «فَفَتَحْنٰا أَبْوٰابَ
السَّمٰاءِ بِمٰاءٍ مُنْهَمِرٍ» و قوله: «وَ الْأَرْضِ ذٰاتِ الصَّدْعِ» و قوله تعالى «أَنّٰا
صَبَبْنَا الْمٰاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا
فَأَنْبَتْنٰا فِيهٰا حَبًّا» الآية،الخامس قال بعض الفضلاء:إنّ معنى
قوله «كٰانَتٰا رَتْقاً»
أي كانت امورا كليّة في علم اللّه تعالى و في اللوح
المحفوظ،و قوله «فَفَتَقْنٰاهُمٰا» إشارة إلى تشخّصاتها في الوجود
الخارجيّ و تمييز بعضها عن بعض،و هذا القول مناسب للأقوال الثلاثة الاول و يصحّ
تحقيقا لها و يحمل الريح الّتي ذكرها كعب على أمر اللّه تعالى استعارة لما بينهما
من المشابهة في السرعة،السادس قال بعضهم:إنّ معنى الرتق في هذه الآية هو انطباق
دائرة معدّل النهار على ذلك البروج ثمّ إنّ الفتق بعد ذلك عبارة عن ظهور الميل
قالوا:و ممّا يناسب ذلك قول ابن عبّاس و عكرمة فإنّهم لمّا قالوا إنّ معنى كون
السماء رتقا أنّها لا تمطر و معنى كون الأرض رتقا أنّها لا تنبت كان الفتق و الرتق
بالمعنى الّذي ذكرناه إشارة إلى أسباب ما ذكروه إذ انطباق الدائرتين و هو الرتق
يوجب خراب العالم السفلى و عدم المطر،و ظهور الميل الّذي هو الفتق يوجب وجود
الفصول و ظهور المطر و النبات و سائر أنواع المركّبات.إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ قوله
عليه السّلام ثمّ فتق ما بين السماوات العلى إنّما هو موافق للأقوال الثلاثة الاول
مع القول الخامس و التحقيق به أليق،و أمّا القول السادس فهو بعيد المناسبة لقوله
عليه السّلام و بيان ذلك أنّ قوله ثمّ فتق ما بين السماوات العلى إنّما هو في معرض
بيان كيفيّة تخليق العالم الأعلى و لذلك أردفه و عقّبه بالفاء في قوله فملأهنّ
أطوارا من ملائكته ،و الرتق و الفتق في هذا القول متأخّر عن كلام الأجرام العلويّة
بما فيها و ما يتعلّق بها و لا يقبل تقدّم ظهور الميل بوجه ما على وجود الملائكة
السماويّة و إسكانها أطباق السماوات و باللّه التوفيق.
البحث الثالث-الملائكة على أنواع
كثيرة و مراتب متفاوتة