نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 117
«إِذَا
السَّمٰاءُ انْفَطَرَتْ»
«و «هَلْ تَرىٰ مِنْ فُطُورٍ» و أمّا
قوله و نشر
الرياح برحمته فبيانه أنّ نشر الرياح و بسطها لمّا كان سببا عظيما من أسباب بقاء
أنواع الحيوان و النبات و استعدادات الأمزجة للصحّة و النموّ و غيرها حتّى قال
كثير من الأطبّاء:إنّها تستحيل روحا حيوانيّا،و كانت عناية اللّه سبحانه و تعالى و
عموم رحمته شاملة لهذا العالم و هى مستند كلّ موجود لا جرم كان نشرها برحمته،و من
أظهر آثار الرحمة الإلهيّة بنشر الرياح حملها للسحاب المقرع بالماء و إثارتها له
على وفق الحكمة ليصيب الأرض الميتة فينبت بها الزرع و يملاء الضرع كما قال سبحانه «مَنْ
يُرْسِلُ الرِّيٰاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ» 1و قال «يُرْسِلَ الرِّيٰاحَ مُبَشِّرٰاتٍ وَ
لِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ»
2و قال «وَ أَرْسَلْنَا الرِّيٰاحَ لَوٰاقِحَ
فَأَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً
فَأَسْقَيْنٰاكُمُوهُ» 3و المراد تنبيه الغافلين على ضروب نعم اللّه بذكر هذه النعمة
الجليلة ليستديموها بدوام شكره و المواظبة على طاعته كما قال تعالى «وَ اذْكُرُوا
نِعْمَةَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ»
و لقوله «ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ
عَلَيْهِ وَ تَقُولُوا سُبْحٰانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنٰا
هٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لَهُ مُقْرِنِينَ» 4قال إنّ بعض العرب يستعمل الريح في العذاب و الرياح في الرحمة
و كذلك نزل القرآن الكريم قال تعالى «بِرِيحٍ صَرْصَرٍ»
و قال «الرِّيحَ الْعَقِيمَ» و قال «يُرْسِلَ الرِّيٰاحَ
مُبَشِّرٰاتٍ» -و «الرِّيٰاحَ لَوٰاقِحَ» و أمثاله .
[قوله و وتد بالصخور ميدان
أرضه.]
قوله و وتد
بالصخور ميدان أرضه.
أقول:المراد نسبة
نظام الأرض إلى قدرته سبحانه،و هاهنا بحثان.
البحث الأوّل في أنّ قول القائل وتدت
كذا بكذا
معناه جعلته و
تداله و الموتود هاهنا في الحقيقة إنّما هو الأرض و قد جعل الموتود هنا هو ميدان
الأرض و هو عرض من الأعراض لا يتصوّر جعل الجبل وتدا له إلاّ أنّا نقول:لمّا كان
الميدان علّة حاملة على إيجاد الجبال و إيتاد الأرض بها كان الاهتمام به أشدّ
فلذلك قدمّه و أضافه إضافة الصفة إلى الموصوف و إن كان التقدير وتد بالصخور أرضه
المائدة.