responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 109

اتّصاف ذاته سبحانه بهذه الأنواع الثلاثة من الصفات تركيب و لا كثرة في ذاته لأنّها اعتبارات عقليّة تحدثها عقولنا عند المقائسة إلى الغير و لم يلزم من ذلك أن تكون موجودة في نفس الأمر و إن لم تعقل،و لمّا كان دأب العقلاء أن يصفوا خالقهم سبحانه بما هو أشرف طرفي النقيض لما تقرّر في عقولهم من أعظميته و مناسبة اشرف الطرفين للأعظميّته كان ما وصف به تعالى من الصفات الحقيقيّة و الإضافيّة و السلبيّة كلّها كذلك،فإذا عرفت ما قلناه فاعلم أنّه عليه السّلام شرع أوّلا في الاعتبارات السلبيّة و قدّمها على الثبوتيّة لدقيقة و هى أنّه قد ثبت في علم السلوك إلى اللّه أنّ التوحيد المحقّق و الإخلاص المطلق لا يتقرّر إلاّ بنقض كلّ ما عداه عنه و تنزيهة عى كلّ لا حق له و طرحه عن درجة الاعتبار و هو المسمى في عرف المجرّدين و أهل العرفان بمقام التخليّة و النقض و التفريق،و ما لا يتحقّق الشيء إلاّ به كان اعتباره مقدّما على اعتباره،و لهذا الترتيب كان أجلّ كلمة نطق بها في التوحيد قولنا: «لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ اللّٰهُ» إذ كان الجزء الأوّل منها مشتملا على سلب كلّ ما عدا الحقّ سبحانه مستلزما لغسل درن كلّ شبهة لخاطر سواه،و هو مقام التنزيه و التخلية حتّى إذا أنزح كلّ ثان عن محلّ عرفانه استعدّ بجوده للتخلية بنور وجوده و هو ما اشتمل عليه الجزء الثاني من هذه الكلمة،و لمّا بيّنا أنّه عليه السّلام كان لسان العارفين و الفاتح لأغلاق الطريق إلى الواحد الحقّ تعالى و المعلّم المرشد لكيفيّة السلوك،و كانت الأوهام البشريّة حاكمه بمثليته تعالى لمدركاتها و العقول قاصرة عن إدراك حقيقته و الواصل إلى ساحل عزّته و المنزّه له عمّا لا يجوز عليه إذا أمكن وجوده نادرا لم يكن للأوهام الواصفة له تعالى بما لا يجوز عليه معارض في أكثر الخلق بل كانت جارية على حكمها قائدة لعقولها إلى تلك الأحكام الباطلة كالمشبّهة و نحوهم لا جرم بدء عليه السّلام بذكر السلب إذ كان تقديمه مستلزما لغسل درن الحكم الوهميّ في حقّه تعالى عن لوح الخيال و الذكر حتّى إذا أورد عقب ذلك ذكره تعالى بما هو أهله ورد على ألواح صافيه من كدر الباطل فانتقشت بالحقّ كما قال:فصادف قلبا خاليا فتمكّنا،ثمّ إنّه عليه السّلام بدء بتقديم حمد اللّه تعالى على الكلّ هاهنا و في سائر خطبة جريا على العادة في افتتاح الخطب و تصديرها،و سرّ ذلك تأديب الخلق بلزوم الثناء على اللّه تعالى،و الاعتراف بنعمته عند افتتاح كلّ خطاب لاستلزام ذلك ملاحظة حضرة الجلال و الالتفات إليها عامّة الأحوال

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست