أمارات
المدح، كما قال الوحيد البهبهاني في التعليقة[1]
في محمد بن إسماعيل البندقي: «و ربما يُعَدّ حديثه من الحسان؛ لعدم التوثيق و
إكثار الكليني من الرواية عنه ...».
بل
قد ترقّى من ذلك بعض إلى إكثار مطلق الأجلّاء من الرواية عن شخصٍ، فجَعَله من
أمارات وثاقته.
و
لكن مقتضى التحقيق أنّ إكثار رواية الأجلّاء عن أحدٍ- إذا كانوا من أعاظم أصحاب
الأئمة و أجلّاء القدماء و أعيان مشايخهم- قرينة كاشفة و أمارة على حسن حاله، بل
وثاقته، ما دام لم يرد فيه جرح و لم يتعارض فيه الجرح و التعديل. و أما مطلق رواية
الأجلّاء، و لو قليلًا، من دون إكثارٍ، لا قرينية و لا كاشفية له عن حسن حال الشخص
المروي عنه. و ذلك لأنّ من لاحظ كتب القوم، حتى المتقدمين، بل مثل الكليني و
الصدوق، يعرف أنّهم لا يتحاشون عن الرواية عن الضعفاء و المجاهيل، و لا ينافى ذلك
كون تلك الروايات صحيحةً في اعتقادهم؛ لما حصل لهم من الوثوق بصدورها لأجل قرائن
مورثة للوثوق، إلا أنّها غير حاصلة لنا.
نعم
إكثار جماعةٍ من المشايخ و المحدّثين من الرواية عن أحدٍ يكشف عن حسن حاله، و يكون
من أمارات المدح؛ بل وثاقته ما لم يرد فيه جرحٌ. و الوجه فيه: ما بيّناه في أمارية
شيخوخة الاجازة- بمعناها المقصود- على المدح و الوثاقة.