الناس، يتحقق بذلك الاضطرار الرافع للحكم الأوّلي. و على أيّ حال فالمعيار في ذلك بلوغ المشقة إلى هذا الحد أو إحساس الخوف على النفس.
و تشخيص مصاديق هذا الملاك موكول إلى صاحب الضرورة و الاضطرار، كما أشير إلى ذلك في بعض النصوص الآتية.
مدرك القاعدة
يمكن الاستدلال لهذه القاعدة بوجوه.
الأوّل: اتفاق جميع الفقهاء من العامة و الخاصّة
و تسالمهم على ارتفاع الحكم الأوّلي بالاضطرار. و لا مخالف لذلك من بينهم.
و أما الاجماع بمعناه المصطلح الكاشف عن رأي المعصوم تعبدا، فلا يمكن دعواه؛ نظرا إلى استناد الفقهاء لذلك إلى نصوص الكتاب و السنة، فهو مدركي.
الثاني: العقل
الحاكم بقبح تحمّل المشقة الشديدة الخارجة عن حدّ تحمل الناس عادة؛ لما يرى فيه من الظلم بالنفس و الجسم. و إنّ الظلم قبيح في نظر العقل بأنحائه، بلا فرق.
الثالث: الكتاب:
دلّت على هذه القاعدة عدة من الآيات القرآنية.
منها: قوله تعالى: «إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».[1]
و منها: قوله تعالى: «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».[2]
[1] البقرة: 173، و النحل: 115.
[2] المائدة: 3.