الحمد
للّه الّذي علّم الإنسان بعد جهل، و هداه بعد ضلال، و فقّهه بعد غفلة، و الصلاة و
السلام على محمّد رسول اللّه الّذي أرسله ربّه للناس كافّة بشيرا و نذيرا و هاديا
و معلّما، ليهلك عن بيّنة و يحيا من حيّ عن بيّنة، و على آله الطيّبين المنتجبين
الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.
و
بعد، فلا يخفى على روّاد العلم و طلّاب الهداية أنّ العلوم تختلف أهمّيتها و مكانة
موضوعها، و أنّ لعلم الفقه المكانة السامية و الأهمّية الخاصّه.
فهو
علم واسع، و بحر شاسع، اصوله ثابتة مقرّرة، و فروعه ثابتة محرّرة، جمعه لنا
علماؤنا من قديم و حديث، و بذلوا فيه الجهد الحثيث، حتّى أوصلوه إلينا و علّموه
إيّانا، و حفظوه في مصنّفاتهم الكثيرة، فما تركوا فيها من صغير و لا كبير إلّا و
ذكروه، و جمعوا فيها كلّ شارد و وارد و كلّ قريب و بعيد، و لقد نوّعوا هذا الفقه
فنونا و أنواعا، و تطاولوا في استنباطه يدا و باعا، فجزاهم اللّه عن صاحب الشريعة
الغرّاء خير ثواب و أفضل جزاء.