فالمعيار في
حصول الواقعية صيرورة المالين بالامتزاج شيئاً واحداً ثالثاً في نظر أهل العرف.
فإذا حصل ذلك تحقّق موضوع الشركة الواقعية، و إلّا فلا موضوع للشركة لا واقعاً و
لا ظاهراً. فلا بدّ حينئذٍ من الصلح القهري أو الرجوع إلى القرعة.
و
ما أبعد بين السيد الحكيم؛ حيث إنّه حكم بتحقّق الشركة الظاهرية حتّى في صورة عدم
ارتفاع التمييز بالمزج و الاختلاط لأجل تعذّر تفكيك أجزاء الخليطين، و بين هذا
العَلَم؛ حيث حكم بانتفاء الشركة الظاهرية حتّى في المزج الرافع للتمييز إذا لم
يحصل بالمزج شيءٌ ثالث.
و
فيه: أنّ هذا الكلام إنّما يصحّ فيما إذا كانت آحاد أجزاء المالين متميّزة بعد
المزج و إن لم يمكن أو تعذّر التفكيك بينهما. و قد بيّنّا وجه ذلك آنفاً. و إلّا
فلا وجه لمنع حصول الشركة بعد ارتفاع التمييز كامتزاج الأدقّة بعضها مع بعض بل
الشركة متحقّقة حينئذٍ حقيقةً؛ لصدق مفهومها في نظر أهل العرف حقيقةً بلا عناية و
المعيار في صدق الشركة الحقيقية نظر أهل العرف؛ حيث لا حقيقة شرعية و لا متشرّعة
لها.
ثمّ
إنّه قال هذا العَلَم: إنّ المراد بالصلح القهري إجبار الحاكم لهما على الصلح
بالتراضي، و إلّا فالصلح لا يكون قهرياً[1].
و
لكنّه توجيه غير وجيه، بل المراد من الصلح القهري هاهنا ما كان من الصلح سببه
قهرياً؛ لأنّ المزج لم يكن بقصد الصلح، و إلّا فلو تراضيا بالصلح فهو، و أمّا لو
تعاندا و لم يتراضيا بالصلح ينتهي الأمر إلى القرعة. فلا قهر و لا إجبار على الصلح
في البين. و هذا واضح لا يغفل عن مثله فقيه فحل فطن مثل السيد اليزدي.
ثمّ
أشكل هذا العَلَم على القرعة: بأنّه لا مورد لها لعدم اشتباه بعد امتياز كلّ من
المالين. لكنّه إشكال غير وارد لإمكان تمييز آحاد أجزاء المالين كآحاد الحبّات