و
هذا المضمون يحكم به العقل النظري المستقل. و يعبّر عنه ببرهان النظم.
و
ما دلّ على أنّ اللّه تعالى غير قابل للرؤية كقوله تعالى:
لَنْ
تَرانِي [يا موسى][2] و قوله:
لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ[3].
فقد
دلّت هاتان الآيتان- و لا سيما الأولى- على امتناع رؤية اللّه. و هذا ممّا يحكم به
العقل النظري المستقل. و قد قام عليه البرهان في محلّه.
و
حاصل هذا البرهان: أنّ الرؤية إنّما يمكن في الأجسام المتحيّزة في جهة أو مكان. و
يستحيل ذلك في وجود البارئ؛ لامتناع جسمانيته.
و
أنّ الرؤية مستلزم لتناهي المرئي، و هذا أيضا يستحيل في وجود الواجب تعالى.
و
قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ
هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[4] و
وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ[5].
فقد
دلّت هاتان الآيتان على أزلية اللّه تعالى و أبديته و سرمديته و عدم تحيّزه في جسم
و مكان و أنّه فوق حدّ المكان و الزمان، و أيضا دلّتا على علمه المطلق. و كل ذلك
ممّا يحكم به العقل النظري المستقل. و قد ثبت بالبراهين العقلية في محلّه.
و
منها: الآيات الواردة في المعاد.
مثل:
ما دل على كون الاعادة أهون من الخلق الابتدائي،
كقوله
تعالى: هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ
أَهْوَنُ عَلَيْهِ[6]؛
حيث يحكم به العقل؛ نظرا إلى أنّ الخلق الابتدائي هو الخلق من غير شيء، و لكنّ