العقلية و أهميتها على كل متأمّل منصف؛ نظراً
إلى ما يكون من الامتيازات المهمّة و النكات الاعتقادية للآيات الناطقة
بالبراهين العقلية على إثبات وجود الباري تعالى و ضرورة وجوب
وجوده بالذات، و إثبات التوحيد و المعاد، و نحو ذلك من اصول
الاعتقادات.
وذلك لما تفيده هذه الآيات؛
أوّلًا: أنّ القرآن ليس سالكاً مسلك التعبد و الجمود، و لا أجنبياً عن
التعقل و التفكر و لا مُعرِضاً عن البراهين العقلية، بل يرشد الناس إلى
الاستضائة من نور العقل و الفكر، و يُعلن مخالفته للتعبد المحض ونفي
التحكم في اصول الاعتقادات.
و ثانياً: إنّ لجميع البراهين الفلسفية و الوجوه العقلية جذوراً في
مداليل الآيات القرآنية، بل في الحقيقة تكون البراهين العقلية بأجمعها
شرحاً لهذه الآيات.
و ثالثاً: صلاحية هذه الآيات للاستدلال بها حتى للملحدين الكافرين؛
نظراً إلى أنّها لاتفيد إلّاالارشاد إلى حكم العقل البديهي الذي يخضع
أمامه عقل كل انسان عاقل.
و رابعاً: الكفاية الذاتية في إثبات اصول الاعتقادات؛ حيث ترشد
قارئها إلى عقله البديهي، فتكون صالحةً للاستدلال و البرهنة، مع قطع
النظر عن كونها نازلة من جانب اللَّه و من دون تعبّدبها.