علم الباري سبحانه
وقع الخلاف في علمه سبحانه بالأشياء على مذاهب شتّى، حتى أنكره
بعض من أصله.
و اختلف المثبتون على آراء مختلفة. و إليك أهمُّها،
منها: أنّ له (تعالى) علماً بذاته، دون معلولاتها؛ لأنّ الذات المتعالية
أزليةٌ، و كل معلول حادث، فلا يمكن أن يكون الحادث معلوماً في الأزل.
و ستعرف بطلان هذا القول؛ حيث إنّ العلم بالذات من الجهة التي
تنشأ منها المعلولات عِلمٌ بنفس تلك المعلولات، كما سيجيءُ بيانه. و لأنّ
بسيط الحقيقة كلُّ الأشياء و إنّ العلم بالذات علم إجمالي بنفس المعاليل
قبل الايجاد. و سيأتي توضيح ذلك.
فمنها: ما نسب إلى الشيخ الاشراق و تبعه جماعة من المحققين، من
أنّ الأشياء- الأعم من المجّردات و الماديات- حاضرةٌ بوجوبها العيني
لدى اللَّه (تعالى) و غير غائبة و لا محجوبة، و هو علمه التفصيلي بالأشياء
بعد الايجاد.
و هذا القول و إن كان حقاً، إلّاأنّه لا يختص بذلك، بل الباري (تعالى)
عالم بالأشياء تفصيلًا قبل إيجادها أيضاً بالعلم الحضوري، كما
سيجيءُ بيانه.
و منها: أنّ ذات الباري علم تفصيلي بالمعلول الأوّل و إجمالي بما