إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأنّ له تأليفاً لفظياً.
و البحث الحقيقي عن العلة و المعلول و خواصها يدفع ذلك كلَّه، فإنّ
التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأشياء في قوته وضعفه، و المسانخة
بين المؤثر و المتأثر. و الاسم اللفظي إذا اعتبرناه من جهة خصوص
لفظه، كان مجموعة أصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية، و إذا
اعتبر من جهة معناه المتصور كان صورة ذهنية لا أثر لها من حيث
نفسها في شيءٍ ألبتة. و من المستحيل أن يكون صوتاً أوجدناه من
طريق الحنجرة، أو صورةً خيالية نصورها في ذهننا، بحيث يقهر
بوجوده وجود كل شي، و يتصرف فيما نريده على ما نريده، فيقلّب
السماء أرضاً و الأرض سماءً، و يحوّل الدنيا إلى الآخرة و بالعكس و
هكذا، و هو في نفسه معلول لإرادتنا.
و الأسماء الإلهية و اسمه الأعظم خاصة، و إن كانت مؤثرة في الكون
و وسائط و أسباباً لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم
المشهود، لكنها إنّما تؤثر بحقائقها، لا بالألفاظ الدالة في لغة كذا عليها، و
لا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصورة في الأذهان. و معنى ذلك أنّ
اللَّه سبحان هو الفاعل الموجد لكل شيءٍ بما له من الصفة الكريمة
المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب، لا تأثير اللفظ أو صورة
مفهومة في الذهن أو حقيقة أُخرى غير الذات المتعالية، إلّاأنّ اللَّه سبحانه
وعد إجابة دعوة من دعاه، كما في قوله: «أُجيبُ دعوة الداع إذا دعان»[1]، و
[1] / سورة البقرة: الآية 186.