أوّل الديانةبه تعالى معرفته
قوله عليه السلام: «أوّل الديانة معرفته»: نظيره ما سبق آنفاً
في كلام أميرالمؤمنين عليه السلام: «أوّل الدين معرفته».
قال الخليل: «الدين الطاعة، و دانوا لفلان؛ أي أطاعوه».
فالمقصود أنّ طاعة اللَّه و الانقياد له تعالى يتوقف في مرتبته الاولى
على المعرفة. وبعبارة اخرى: أوّل ما يتوقف عليه طاعة اللَّه و الانقياد و
الخضوع و التعبُّد بحكمه، إنّما هو معرفته تعالى.
و ذلك لأنّ الاطاعة و الانقياد و الديانة قد اخذ في حقيقتها و ماهيتها
امتثال أمر المطاع المنقاد له. و من هنا لو أتى بنفس ذلك الفعل، لكن لا
بقصد امتثال أمره أو بقصد امتثال أمر غيره، لا يتحقق بذلك طاعة ذلك
المطاع المنقاد له.
و عليه فمن لم يعرف مطاعه بماله من الشأن و المنزلة لايكون ما
يفعله بعنوان طاعته طاعة لذلك المطاع حقيقةً، بل يقع لا محالة إما طاعة
لغيره أو لمجهول لايعرفه. فمن لم يعرف اللَّه ليس طاعته و انقياده طاعةً
للَّه حقيقة، بل إما طاعةٌ لمجهول أو طاعة غير اللَّه. و ذلك الغير إمّا هوى
نفسه كما قال تعالى: «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه»[1]، و قال: «و لا تطع من
[1]-/ الجاثية: 23.