و من
السنّة: صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) قال
لا
يَنْبَغي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْكَشِفَ بَيْنَ يَدَي الْيَهوديَّةِ و النَّصرانية
فإنَّهُنَّ يَصِفْنَ ذلك لأَزْواجِهِنَ[1].
قال
بعض الفحول في تقريب دلالة هذه الصحيحة على حرمة كشف المسلمة بين يدي اليهودية و
النصرانية: إنّ كلمة «ينبغي» تستعمل في الجواز و الإمكان و على هذا تكون الرواية
دالة على عدم جواز ذلك للمسلمة.
و
فيه: أنّ كلمة «ينبغي» نمنع استعمالها في الجواز و الإمكان حتى يكون «لا ينبغي»
ظاهراً في عدم الجواز. بل تستعمل في الجدارة و الصلاحية و الندب. كما قال في
المصباح: و ينبغي أن يكون كذا معناه يندب ندباً مؤكّداً لا يحسن تركه. و قد حكي عن
الكسائي أنّه سمعه من العرب: و ما ينبغي أنْ يكون كذا، أي ما يستقيم و لا يحسن. و
قد نقل ابن منظور في لسان العرب عن الزجاج، يقال: انبغى لفلان أن يفعل كذا؛ أي صلح
له أن يفعل كذا. و عن ابن الأعرابي: و ما ينبغي له؛ أي و ما يصلح له.
و
عليه فقوله (عليه السّلام): «لا ينبغي» لا يدل على أكثر من عدم الصلاحية و نفي
الحسن و الجَدارة و الاستقامة. أي لا يصلح و لا يحسن فليس ظاهراً في نفي الجواز.
و أمّا
في مثله قوله تعالى وَ ما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ
وَلَداً[2]
فإنّما يكون بمعنى نفي الإمكان لأجل القرينة العقلية الموجبة لانصراف اللفظ عن
ظاهره، كلفظ العرش المنصرف عن ظاهره لأجل القرينة العقلية في قوله تعالى
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. و من الواضح أنّ انصراف اللفظ عن
معناه لأجل القرينة العقلية لا ينافي ظهوره في معناه الأصلي العرفي المتبادر إلى
الذهن عند عدم القرينة.
[1] الوسائل/ ج 14 ب 98 من مقدمات النكاح ص 133 ح 1.