«إن
قلت: على هذا لم يبق فرق بين الاسم و الحرف ...، إلى قوله: الثالث ...».[1]
إشكال
و جواب: [في فرق بين الاسم و الحرف]
بعد
أن ذكر قدّس سرّه أن المعنى الموضوع له و المستعمل فيه في الحروف عام لخروج لحاظ
الآلية و الاستقلالية منه أشكل على نفسه بلسان إن قلت بالإشكال التالي: يلزم أن
يكون معنى كلمة (من) و معنى كلمة (ابتداء) مثلا واحدا، و هو مفهوم الابتداء الكلي،
أي يلزم أن يكونا مترادفين و يصح استعمال أحدهما مكان الآخر، فبدلا من قولك: سرت
من البصرة يلزم صحة قولك: سرت ابتداء البصرة، كما هو الحال في كل مترادفين، و
الحال أننا نشعر بالوجدان ببطلان ذلك.
و
أجاب عن ذلك قدّس سرّه بأن المعنى الموضوع له فيهما واحد، و هو كلي الابتداء، و
إنما لا يصح استعمال أحدهما مكان الآخر لا للاختلاف في المعنى الموضوع له، بل
لاختلافهما في أصل الوضع و كيفيته، فمفهوم الابتداء الكلي مثلا يمكن ملاحظته
بنحوين، فقد يلحظ بما هو مستقل في نفسه فيكون قد وضع له الاسم، و قد يلحظ بما هو
حالة قائمة في الغير فيكون قد وضع له الحرف.