الحمد
للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أفضل خلقه و أشرف بريّته محمّد و أهل
بيته الطيبين الطاهرين.
قبل
عشرين عاما كنت في مدينتي النجف الأشرف و حوزتي العلمية الامّ حوزة النجف الأشرف و
درّست فيها كفاية الأصول عدة مرات. و في بعضها طلب مني بعض الحضور ضبط كل بحث بعد
الانتهاء منه بلغة مفتوحة و عبارات غير مضغوطة فاستجبت للطلب و وفقني اللّه سبحانه
لإكمال ذلك، و كتب الإخوة الحضور كل واحد نسخة لنفسه، و لكن شاءت الأقدار أن أخرج
من جوار أمير المؤمنين عليه السّلام مرغما و تحترق نسختي التي تركتها في النجف
الأشرف في حجر بعض المدارس الدينية، و يفوز البعض بوسام الشهادة و لا يعرف عن
نسخته خبر.
و
مكثت في بلد المهجر قم المقدسة قرابة عشرين عاما و درّست الكفاية فيها دورات أخرى
أيضا. و كانت النفس طيلة الفترة المذكورة تحنّ إلى نسيم النجف الأشرف ذلك النسيم
الذي ما كاد أن يقترب من القبة العلوية المقدسة حتّى تفوح منه المعاني العرفانية و
الروائح العلوية، و كاد أن يحصل اليأس من شمّ ذلك النسيم من جديد لو لا أن تشاء
الأقدار الإلهية من جديد تبدّل اليأس بالأمل، و الأمل بالحقيقة.