هذا
الأمر الأخير معقود للردّ على صاحب الفصول أيضا، و حاصله: أنه يوجد مطلب لا بدّ من
بيانه في البداية، و هو أن الإسناد تارة يكون مجازيا و أخرى يكون حقيقيا، فإذا
قلنا: الميزاب جار كان ذلك إسنادا مجازيا، فإن الجريان ينتسب حقيقة إلى الماء، و
نسبته إلى الميزاب إسناد مجازي و إلى غير ما هو له،[2]
و هذا بخلاف ما إذا قلنا: الماء جار، فإن الإسناد في مثله إسناد حقيقي.
و
هذا المطلب واضح.
و
السؤال المطروح: هل أن استعمال كلمة جار- التي هي مشتق- يكون مجازا أيضا ما دام
الإسناد مجازيا أو أن استعمال الكلمة المذكورة حقيقي رغم مجازية الاستعمال؟
و
بكلمة أخرى: أن الإسناد في مثال الميزاب جار لا إشكال في كونه مجازيا و لكن هل
يلزم من ذلك المجازية في نفس كلمة جار أو لا؟
[2] و يصطلح على ذلك بالواسطة في العروض، و المراد بها
تلك الواسطة التي لا تكون متصفة بالعرض حقيقة و إنما المتصف به حقيقة هو ذوها،
كالميزاب مثلا، فإنه واسطة في العروض، باعتبار أنه ليس بمتصف بالجريان حقيقة و
إنما المتصف به هو الماء، فالماء هو الجاري حقيقة، و إنما ينسب إلى الميزاب
بالمجاز و بنحو الواسطة في العروض.