إنه يتعين
إذن أن يكون المقصود من كون الجنس و الفصل ملحوظين بنحو اللابشرط أنهما لا بشرط من
حيث الإباء عن الحمل، و من كون المادة و الصورة ملحوظين بنحو بشرط لا أنهما بشرط
لا من حيث الحمل.
و
الوجدان قاض بالتفرقة المذكورة، فالحيوان و الناطق يصح حملهما على الإنسان فتقول:
الإنسان حيوان، بمعنى أنه مصداق للحيوان فيكون الحمل حملا شائعا صناعيا، و هكذا
يصح أن تقول: الإنسان ناطق، بمعنى أنه مصداق للناطق فيكون حمل شائع صناعي، و هذا
بخلاف البدن و الصورة فإنه لا يصح حملهما على الإنسان، فلا تقول: الإنسان بدن، فإن
البدن جزء من الإنسان، و الجزء لا يحمل على الكل، فكما لا يصح أن تقول: الإنسان
يد، باعتبار أن اليد جزء من الإنسان و لا يصح حمل الجزء على الكل فكذلك الحال
بالنسبة إلى البدن فإنه جزء من الإنسان و لا يصح حمله عليه.
و
هكذا الحال بالنسبة إلى الصورة، فإنه لا يصح حملها على الإنسان لنفس النكتة.
و
الخلاصة: أن تفرقة أهل المعقول بين الجنس و المادة و أن الأوّل مأخوذ بنحو
اللابشرط و الثاني بنحو بشرط لا، و هكذا تفرقتهم بين الفصل و الصورة و إن الأوّل
مأخوذ بنحو (اللابشرط) و الثاني بنحو (بشرط لا) يدل على وجود مصطلح آخر لدى أهل
المعقول غير المصطلح الأوّل خلافا لصاحب الفصول حيث تخيّل وحدة المصطلح.