أما لما ذا
كانت الفصول المنطقية فصولا مشهورية و ليست حقيقية؟ ذلك لوجهين:
1-
إن الفصول الحقيقية لا يعرفها إلّا علّام الغيوب، لأن معرفة الفصل الحقيقي للشيء
موقوف على معرفة حقيقة الشيء و كنهه، و لا يعرف حقائق الأشياء إلّا خالقها.
2-
إن المناطقة قد يذكرون في فصول بعض الأشياء ما يتركب من شيئين، كما هو الحال
بالنسبة إلى الحيوان، فهم قالوا: إن فصله عبارة عن الحسّاس المتحرك بالإرادة، أي
حينما لم يعثروا على الفصل الحقيقي للحيوان و لم يمكنهم التوصل إليه أخذوا عرضين
خاصين يلازمان الفصل الحقيقي و يساويانه و جعلوهما مكان الفصل الحقيقي.
أما
لما ذا لا يمكن أن يكون الحسّاس المتحرك بالإرادة فصلا حقيقيا للحيوان؟ ذلك
باعتبار أن الفصل الحقيقي لا يمكن أن يكون مركبا و إلّا يلزم أن يكون له فصل آخر
لو كان مجموعهما فصلا واحدا[1] أو كان
للشيء الواحد فصلان لو كان كل منهما فصلا.
و
عليه فالمحذور الذي ذكره المحقق الشريف مندفع، لأنه لا يلزم تقوّم الفصل الحقيقي
بمفهوم الشيء بل يلزم تقوّم العرض الخاص- المعبّر عنه في المنطق بالخاصة- بالعرض
العام، و هذا أمر لا محذور فيه.
الشق
الثاني: [هو انقلاب القضية الممكنة إلى ضرورية على تقدير تركّب المشتق من مصداق
الشيء+ المبدأ]
و
أما بالنسبة إلى الشق الثاني- و هو انقلاب القضية الممكنة إلى
[1] لأن كل شيئين يلزم أن يكون بينهما شيء مشترك يعبّر
عنه بالجنس و شيء يمتازان بواسطته يعبّر عنه بالفصل، فإذا كان الفصل مركّبا من
شيئين يلزم وجود جنس لهما و فصل، أي يلزم أن يكون للفصل فصل.