و أما كيف
أصبح ذكر الكلمة بدون قيد في الكلام دليلا على الشمول و ما هو مصدر هذه الدلالة
فهذا ما لا يمكن تفصيل الكلام فيه على مستوى هذه الحلقة.
و
لكن نقول على نحو الإيجاز ان ظاهر حال المتكلم حينما يكون له مرام في نفسه يدفعه
إلى الكلام ان يكون في مقام بيان تمام ذلك المرام فإذا قال أكرم الجار و كان مرامه
الجار المسلم خاصة لم يكتف بما قال بل يردفه عادة بما يدل على قيد الاسلام و في
كلّ حالة لا يأتي بما يدل على القيد نعرف ان هذا القيد غير داخل في مرامه إذ لو
كان داخلا في مرامه و مع هذا سكت عنه لكان ذلك على خلاف ظاهر حاله القاضي بأنه في
مقام بيان تمام المراد بالكلام، فبهذا الاستدلال نستكشف الإطلاق من السكوت و عدم
ذكر القيد و يعبر عن ذلك بقرينة الحكمة.
4-
أدوات العموم
أدوات
العموم مثالها «كلّ» في قولنا: «احترم كلّ عادل» و ذلك أن الآمر حين يريد أن يدلل
على شمول حكمه و عمومه قد يكتفي بالإطلاق و ذكر الكلمة بدون قيد كما شرحناه آنفا
فيقول: «أكرم الجار» و قد يريد مزيدا من التأكيد على العموم و الشمول فيأتي بأداة
خاصة. للدلالة على ذلك فيقول: في المثال المتقدم مثلا «أكرم كلّ جار»، فيفهم
السامع من ذلك مزيدا من التأكيد على العموم و الشمول، و لهذا تعتبر كلمة «كلّ» من
أدوات العموم لانها موضوعة في اللغة لذلك، و يسمى اللفظ الذي دلت الأداة على عمومه
«عامّا» و يعبر عنه ب «مدخول الأداة»، لأن أداة العموم دخلت عليه و عمّمته.