إذا
لاحظنا الأصول العمليّة المتقدّمة وجدنا أنّ بعضها وارد على بعض، مثلا دليل
البراءة الشرعيّة وارد على أصالة الاشتغال الثابتة بحكم العقل على مسلك حقّ
الطاعة، و لكن في حالات اخرى لا يوجد ورود.
فمنها:
حالة التعارض بين البراءة و الاستصحاب، كما إذا علم بحرمة مقاربة الحائض و شكّ في
بقاء الحرمة بعد النقاء، فإنّ الاستصحاب يقتضي بقاء الحرمة، و البراءة تقتضي
التأمين عنها، فيتعارض دليل الاستصحاب مع دليل البراءة. و المعروف تقديم دليل
الاستصحاب على دليل البراءة لوجهين:
الأوّل:
أنّ دليل الاستصحاب حاكم على دليل البراءة، لأنّ دليل البراءة اخذ في موضوعه عدم
اليقين بالحرمة و دليل الاستصحاب لسانه لسان إبقاء اليقين و المنع عن انتقاضه،
فيكون ناظرا إلى إلغاء موضوع البراءة و حاكما على دليلها، و هذا بخلاف العكس فإنّ
دليل البراءة ليس لسانه افتراض المكلّف متيقّنا بعدم الحرمة، بل مجرّد التأمين عن