الأئمة بما
هم متشرّعة، فهي تكشف عن الدليل الشرعيّ بلا حاجة إلى ضمّ مقدّمة، و إذا كانت سيرة
لهم بما هم عقلاء، ضممنا إليها مقدمة اخرى و هي: أنّ الشارع لم يردع عنها إذ لو
كان قد ردع بالدرجة الكافية لأثّر هذا الردع من ناحية في هدم السيرة، و لوصل إلينا
شيء من نصوص الردع.
ثالثا:
أنّ الآيات الناهية عن العمل بالظنّ قد يتوهّم أنّها تردع عن السيرة، لأنّ خبر
الواحد أمارة ظنّيّة فيشمله إطلاق النهي عن العمل بالظنّ، و لكنّ الصحيح أنّها لا
تصلح أن تكون رادعة، و ذلك لأنّنا أثبتنا بالفعل انعقاد السيرة المعاصرة للأئمة
على العمل بأخبار الثقات في الشرعيّات، و هذا يعني بعد استبعاد العصيان: إمّا وصول
دليل إليهم على الحجّيّة، أو غفلتهم عن اقتضاء تلك النواهي للردع، أو عدم كونها
دالّة على ذلك في الواقع، و على كلّ من هذه التقادير لا يكون الردع تامّا.
و
مثل ذلك يقال في مقابل التمسّك بأدلّة الأصول كدليل أصالة البراءة مثلا لإثبات
الردع بإطلاقها لحالة قيام خبر الثقة على خلاف الأصل المقرّر فيها.
رابعا:
أنّ عدم الردع يكشف عن الإمضاء، و هذا واضح بعد إثبات امتداد السيرة إلى الشرعيّات
و جريانها على إثبات الحكم الشرعيّ بخبر الثقة، الأمر الذي يعرّض الأغراض الشرعيّة
للتفويت لو لم تكن مرضيّة، مضافا إلى أنّ ظاهر الحال في أمثال المقام هو الإمضاء،
كما تقدّم.