قوله: (اغسل
ثوبك من البول) فإنّ المراد الجدّيّ من (اغسل) ليس طلب الغسل، إذ قد يتنجّس ثوب
الشخص فيهمله و لا يغسله و لا إثم عليه، و إنّما المراد بيان أنّ الثوب يتنجّس
بالبول، و هذا حكم وضعيّ، و أنّه يطهر بالغسل، و هذا حكم وضعيّ آخر، و في هذه
الحالة تسمّى الصيغة بالأمر الإرشادي لأنّها إرشاد و إخبار عن ذلك الحكم.
و
كما أنّ المعروف في دلالة مادّة الأمر على الطلب أنّها تدلّ على الطلب الوجوبيّ،
كذلك الحال في صيغة الأمر بمعنى أنّها تدلّ على النسبة الإرساليّة الحاصلة من
إرادة لزوميّة، و هذا هو الصحيح للتبادر بحسب الفهم العرفي العام.
و
كثيرا ما يستعمل غير فعل الأمر من الأفعال في إفادة الطلب، إمّا بإدخال لام الأمر
عليه فيكون الاستعمال بلا عناية، و إمّا بدون إدخاله، كما إذا قيل (يعيد) و
(يغتسل)، و يشتمل الاستعمال حينئذ على عناية، لأنّ الجملة حينئذ خبريّة بطبيعتها،
و قد استعملت في مقام الطلب. و في الأوّل يدل على الوجوب بنحو دلالة الصيغة عليه،
و في الثاني يوجد خلاف في الدلالة على الوجوب، و يأتي الكلام عن ذلك في حلقة مقبلة
إن شاء اللّه تعالى.
دلالات
اخرى للأمر:
عرفنا
أنّ الأمر يدلّ على الطلب و يدلّ على أنّ الطلب على نحو الوجوب. و هناك دلالات
اخرى محتملة وقع البحث عن ثبوتها له و عدمه.
منها:
دلالته على نفي الحرمة بدلا عن دلالته على الطلب و الوجوب