المحرزة
تختلف فيما بينها، لأنّ بعضها أدلّة قطعيّة تؤدّي إلى القطع بالحكم الشرعيّ، و
بعضها أدلّة ظنّيّة تؤدّي إلى كشف ناقص محتمل الخطأ عن الحكم الشرعيّ، و هذه
الأدلّة الظنّيّة هي التي تسمّى بالامارات
المنهج
على مسلك حقّ الطاعة:
و
أعم الأصول العمليّة- بناء على مسلك حقّ الطاعة- هو (أصالة اشتغال الذمة)، و هذا
أصل يحكم به العقل و مفاده أنّ كلّ تكليف يحتمل وجوده و لم يثبت إذن الشارع في ترك
التحفظ تجاهه فهو منجّز، و تشتغل به ذمّة المكلّف. و مردّ ذلك إلى ما تقدّم من أنّ
حقّ الطاعة للمولى يشمل كلّ ما ينكشف من التكاليف و لو انكشافا ظنّيا أو
احتماليّا.
و
هذا الأصل هو المستند العام للفقيه، و لا يرفع يده عنه إلّا في بعض الحالات
التالية:
أوّلا:
إذا حصل له دليل محرز قطعيّ على نفي التكليف كان القطع معذّرا بحكم العقل كما
تقدّم، فيرفع يده عن أصالة الاشتغال إذ لا يبقى لها موضوع.
ثانيا:
إذا حصل له دليل محرز قطعيّ على إثبات التكليف فالتنجّز يظلّ على حاله، و لكنّه
يكون بدرجة أقوى و أشدّ كما تقدّم.
ثالثا:
إذا لم يتوفّر له القطع بالتكليف لا نفيا و لا إثباتا، و لكن حصل له القطع بترخيص
ظاهريّ من الشارع في ترك التحفّظ، فحيث أنّ منجّزيّة الاحتمال و الظنّ معلّقة على
عدم ثبوت إذن من هذا القبيل كما تقدّم، فمع ثبوته لا منجّزيّة فيرفع يده عن أصالة
الاشتغال.