و الاستحباب
و الكراهة يتولدان عن مبادئ من نفس النوع، و لكنّها أضعف درجة بنحو يسمح المولى
معها بترك المستحب و بارتكاب المكروه. و أمّا الإباحة فهي بمعنيين، أحدهما:
الإباحة بالمعنى الأخصّ التي تعتبر نوعا خامسا من الأحكام التكليفيّة، و هي تعبّر
عن مساواة الفعل و الترك في نظر المولى. و الآخر: الإباحة بالمعنى الأعمّ، و قد
يطلق عليها اسم الترخيص في مقابل الوجوب و الحرمة فتشمل المستحبّات و المكروهات
مضافا إلى المباحات بالمعنى الأخصّ لاشتراكها جميعا في عدم الإلزام.
و
الإباحة قد تنشأ عن خلوّ الفعل المباح من أيّ ملاك يدعو إلى الإلزام فعلا أو تركا،
و قد تنشأ عن وجود ملاك في أن يكون المكلّف مطلق العنان، و ملاكها على الأوّل (لا
اقتضائيّ)، و على الثاني (اقتضائيّ)
التضادّ
بين الأحكام التكليفيّة:
و
حين نلاحظ أنواع الحكم التكليفي التي مرّت بنا، نجد أنّ بينها تنافيا و تضادّا
يؤدّي إلى استحالة اجتماع نوعين منها في فعل واحد، و مردّ هذا التنافي إلى التنافر
بين مبادئ تلك الأحكام، و أمّا على مستوى الاعتبار فقط فلا يوجد تنافر، إذ لا
تنافي بين الاعتبارات إذا جرّدت عن الملاك و الإرادة.
و
كذلك أيضا لا يمكن أن يجتمع في فعل واحد فردان من نوع واحد، فمن المستحيل أن يتّصف
شيء واحد بوجوبين، لأنّ ذلك يعني اجتماع إرادتين على مراد واحد، و هو من قبيل
اجتماع المثلين، لأنّ الإرادة