الفقه، من
قبيل أنّ خبر الواحد الثقة حجّة، و أن ظهور الكلام حجة.
و
النمط الأوّل من المقدّمات يستوعبه الفقيه بحثا في نفس تلك المسألة، لأنّ ذلك
النمط من المقدّمات مرتبط بها خاصّة. و أمّا النمط الثاني فهو بحكم عدم اختصاصه
بمسألة دون أخرى، أنيط ببحث آخر خارج نطاق البحث الفقهي في هذه المسألة و تلك، و
هذا البحث الآخر هو الذي يعبّر عنه علم الأصول، و بقدر ما اتسع الالتفات تدريجا من
خلال البحث الفقهي إلى العناصر المشتركة، اتّسع علم الأصول و ازداد أهميّة، و بذلك
صحّ القول: بأن دور علم الأصول بالنسبة إلى الاستدلال الفقهي يشابه دور علم المنطق
بالنسبة إلى الاستدلال بوجه عام، حيث إنّ علم المنطق يزوّد الاستدلال بوجه عام
بالعناصر المشتركة التي لا تختصّ بباب من أبواب التفكير دون باب، و علم الأصول
يزوّد الاستدلال الفقهي خاصّة بالعناصر المشتركة التي لا تختص بباب من أبواب الفقه
دون باب.