و
على هذا الضوء نعرف الفرق بين ما إذا وجب الوضوء بوجوب استقلالي، و وجب الدعاء
بوجوب استقلالي آخر فتعذر الوضوء، و بين ما إذا وجب الوضوء فتعذر جزء منه كغسل
الوجه مثلا، ففي الحالة الأولى لا يؤدي تعذر الوضوء إلّا إلى سقوط الوجوب الذي كان
متعلقا به، و أما وجوب الدعاء فيبقى ثابتا، لأنه وجوب مستقل غير مرتبط بوجوب
الوضوء، و في الحالة الثانية حين يتعذر غسل الوجه و يسقط وجوبه الضمني يؤدي ذلك
إلى سقوط وجوب الوضوء، و ارتفاع سائر الوجوبات الضمنية.
قد
تقول: نحن نرى أن الانسان يكلّف بالصلاة، فإذا أصبح أخرس و عجز عن القراءة فيها،
كلف بالصلاة بدون قراءة، فهل هذا إلّا تفكيك بين الوجوبات الضمنية، و نقض لعلاقة التلازم
بينها؟
و
الجواب أن وجوب الصلاة بدون قراءة على الأخرس ليس تجزئة لوجوب الصلاة الكاملة، و
إنما هو وجوب آخر و خطاب جديد تعلق منذ البدء بالصلاة الصامتة، فوجوب الصلاة
الكاملة و الخطاب بها قد سقط كله نتيجة لتعذر القراءة و خلّفه وجوب آخر و خطاب
جديد.