حينما
يدرس العقل العلاقات بين الأشياء يتوصل إلى معرفة أنواع عديدة من العلاقة، فهو
يدرك مثلا علاقة التضادّ بين السواد و البياض و هي تعني استحالة اجتماعهما في جسم
واحد، و يدرك علاقة التلازم بين السبب و المسبب، فإن كلّ مسبب في نظر العقل ملازم
لسببه و يستحيل انفكاكه عنه، نظير الحرارة بالنسبة إلى النار، و يدرك علاقة التقدم
و التأخر في الدرجة بين السبب و المسبب. و مثاله: إذا أمسكت مفتاحا بيدك و حركت
يدك فيتحرك المفتاح بسبب ذلك، و بالرغم من أن المفتاح في هذا المثال يتحرك في نفس
اللحظة التي تتحرك فيها يدك، فإن العقل يدرك أن حركة اليد متقدمة على حركة
المفتاح، و حركة المفتاح متأخرة عن حركة اليد لا من ناحية زمنية بل من ناحية تسلسل
الوجود، و لهذا نقول حين نريد أن نتحدث عن ذلك: «حرّكت يدي فتحرّك المفتاح» فالفاء
هنا تدلّ على تأخر حركة المفتاح عن حركة اليد، مع أنهما وقعا في زمان واحد. فهناك
إذن تأخّر لا يمتّ إلى