responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمامة نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ عباس    جلد : 1  صفحه : 83

وحينئذ من نظر بعين الإنصاف وتفكّر في أحوال سيّد المرسلين قطع باستخلافه لأمير المؤمنين دون غيره من الصحابة المسلمين وأقامه مقامه في الإمارة, وحمله أعباء الرسالة نظراً إلى أنه 5 له التصرف في جميع أمور العالم وله معرفة ما يصلحهم وما يفسدهم, وجعل لكل واقعة حكماً يناسبها وما ترك الناس في وهدة الضلالة, وبيّن الأحكام بقانون الحكمة الإلهية, وبين لهم طرق السياسات حتى غلبة العدو في الحروب, وأوضح لهم طرقها وكيفياتها حتى بهر العقول وأذعنت العقلاء بأن ما حواه ممتنع الحصول ولولا الإطالة لذكرنا من بعض أخلاقه وآدابه وسيرته مما لو وعاها العاقل وبها تدبر لصُعِقَ لوجهه وقال سبحان الله ما هذا بشراً! ولذلك كانت شريعته من أقوى معاجزه, ومن الواضح أنّه إذا كان بهذه المرتبة التي لم تحصل لأحد من الخلق من بني آدم مِن إدراكه لما لا تدركه العقول, وإحاطته بالأحكام وتفاصيلها فيقطع مَن له أدنى روية ومسكة بأنّه 5 بالنسبة لأمّته أشفق مِن الوالد الرؤوف, وأنّ رحمته ولطفه على الأمّة أكثر مِن حياطة الأمهات لأولادها وتعطفها عليهم, وأنه ما استراح ساعة من غمّ الأمّة ورفع المكروهات عنهم, ولو تفكرت في أحوال العقلاء مِن الناس مِن الشريف والوضيع كلٌّ بحسبه لألفيت كلّ مِن تولّى وملك شيئاً يبالغ في حراسته وصيانته والتحفظ عليه, وفي الأثر (من تولى عشرة أعطي عقلهم) ألا ترى إلى صنيع راعي الأغنام وسائِس الأنعام كيف يتنكب بها الوهاد[1] المعشبة والروابي المخصبة, فينقلها مِن ناد إلى نادٍ ومِن واد إلى وادٍ, ويفنى ليله ونهاره في صونها عن المؤذيات وحراستها مِن المهلكات, ولا يشغله عنها شاغل, فكيف عن ملك أمر الأمّة وأرسله الله تعالى إليهم نعمة؟ أتراه يتركهم سدى لا ينصب لهم راعياً يدبر أمورهم, ووالياً يرجعون إليه في مهماتهم؟ به يتقوّى الضعيف وبه يزول كرب اللهيف, ومنه يتعرفون أحكام واجب الوجود ويقفون على فرائض الملك


[1] الوَهْدَةُ: المطمئن من الأرض والمكان المنخفض كأنه حفرة, والوهدة يكون اسماً للحفرة والجمع أوهُدةٌ ووَهْدةٌ، لسان العرب مادة "و هـ د".

نام کتاب : الإمامة نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ عباس    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست