أعم من الحيوان والحيوان أعم من الانسان
والأعم من الأعم أعم من ذلك الشيء فيكون الجنس أعم من الانسان فإنك قد عرفت انَّ
الجنس ليس بأعم من الحيوان ولا يوجد بينهما شيء من النسب الأربع.
وحادي عشر: إن من الكليات ما إذا نسب إلى كليات آخر لم تكن بينها
إحدى النسب الأربع المذكورة كالنقيضين مثل الانسان واللا انسان فانَّه ليس بينهما
إحدى النسب الأربع إذ ليس بينهما تبايناً لعدم إطلاق المتباينين عليهما اصطلاحاً
وليس باقي النسب توجد بينهما لعد اجتماعهما في الصدق أصلًا.- وجوابه- إنهما
متباينان فانَّ تعريف التباين يشملهما ولم يعلن اصطلاح المنطقيين على عدم ثبوت
التباين لهما.
وثاني عشر: إن من الكليات ما لا توجد بينها هذه النسب الأربع كنقائض
المفهومات العامة كاللا شيء واللا ممكن بالإمكان العام إذ لا تباين بينهما لأن
بين عينيهما وهو: الشيء والممكن تساوي ونقيض المتساويين لا تباين بينهما وهكذا
ليس بينهما باقي النسب الأربع لأنهما لا يصدقان على شيء أصلًا لأن كل ما وجد في
الخارج أو في الذهن فهو شيء وممكن بالإمكان العام فلا يعقل أن يصدق نقيضيهما
عليه.- وجوابه- إن بين اللا شيء واللا ممكن تساوي بحسب افرادهما الفرضية الثابتة
لهما في حد ذاتهما كما تقدم في جواب الإيراد السادس من إيرادات هذا البحث.
وثالث عشر: إن من الكليات ما لا توجد بينها إحدى هذه النسب الأربع
وهي الكليات المنحصرة في فرد كالشمس على القول بأنها كلي فانَّه لا توجد بينها
وبين مثل الكوكب النهاري إحدى النسب الأربع وهكذا بين الواجب بالذات وبين القديم
بالذات لا توجد إحدى النسب الأربع فانَّه لا تباين ولا عموم من المطلق أو من وجه
بينها كما هو واضح ولا تساوي بينها لعدم صدق كل واحد منهما على جميع ما صدق عليه
الآخر إذ ليس إلا مصداق واحد لا مصاديق متعددة.- وجوابه- مضافاً إلى ما سبق في
جواب الإيراد السادس في هذا المبحث انَّ المراد (بجميع ما صدق عليه) هو أن لا يخرج
ما يصدق عليه أحدهما عن الآخر كما في قولهم: العلة التامة هي جميع ما يتوقف عليه
الشيء مع انَّ العلة التامة قد تكون شيئاً واحداً.
ورابع عشر: إن الكليات ما لا توجد بينها إحدى هذه النسب الأربع وهي
الكليات إذا نسبت إلى نفس النسب الأربع كالانسان مع التباين فانَّه لو وجدت بينهما
إحدى النسب الأربع لزم عروض النسب الأربع لأنفسها وهكذا الكلام في نسبة النسب
الأربع بعضها إلى بعض.- وجوابه- انَّ الموجود بينها هو نسبة التباين لأن كل منهما
طبيعة مستقلة وهكذا النسب الأربع يباين بعضها بعضاً ولا ينافي عروضها على نفسها
فانَّ المفهوم يعرض لنفسه والكلية تعرض لنفسها والعرضية تعرض لنفسها والوجود يعرض
لنفسه وذلك لسعة هذه الأمور هذا مضافاً إلى ما عرفت من انَّ المعقولات الثانية مع
المعقولات الأولى ليس بينها شيء من النسب لأنها ليست في مرتبتها والنسب من
المعقولات الثانية فلا توجد بينها وبين مثل الانسان إحدى النسب المذكورة وقد تقدم
ذلك في الإيراد العاشر.
وخامس عشر: إنَّ حصر النسب في أربع لا وجه له لعدم وجود التساوي بين
كليين أصلًا وكل ما تخيل من هذا القبيل فبينهما عموم من وجه وذلك لأن الكلي لا
يكون فرداً لنفسه فهما يجتمعان في مصداقهما الواقعي ويفترق كل منهما عن الآخر في
نفسه فالانسان يفترق عن الضاحك في نفس الضاحك بمعنى انَّ نفس طبيعة الضاحك لا تكون
فرداً للضاحك لأن الكلي لا يكون فرداً لنفسه لأن الفردية تستدعي الخصوصية وتكون
فرداً للانسان وهكذا الانسان ليس بفرد لنفسه إذا لوحظ ذاته من غير اعتبار خصوصية
لأن الفردية تستدعي