و ينسب القول بذلك للأمامية و المعتزلة و
الخوارج و البراهمة و الثنوية و الحنابلة و الكرامية بل و لبعض الاشاعرة، و قد
خالف في ذلك جمهور الاشاعرة فقالوا بأن أفعال اللّه لا تتصف بالحسن أو القبح
المذكورين فلو أثاب العاصي و عاقب المطيع لم يأت بقبيح لأنه تصرف منه تعالى في
ملكه فما يفعله فهو في محله و أما أفعال العباد فلبنائهم على عدم صدورها منهم
بالاختيار و إنما كان صدورها منهم بالجبر و الاضطرار و إن العمل إنما يكون حسنا لو
أمر به الشارع و قبيحا لو نهى عنه الشارع و انه قبل الشرع أفعال العباد ليست بحسنه
و لا قبيحه و إن الشارع هو المثبت لها.
و البحث في هذا المقام يسمى بمبحث الحسن و القبح العقليين و تتفرع
عليه مطالب كثيرة و ثمرات عظيمة و الحاصل أن الدعامة الأولى للدليل العقلي المستقل
على الحكم الشرعي ترجع لقضية جزئية و هي أن العقل قد يحكم في بعض الافعال بمدح
فاعلها و منعه من تركها فتكون واجبه عقلا أو بمرجوحية تركها فتكون مستحبه عقلا و
بعضها يحكم بذم فاعله و منعه من الفعل فتكون محرمة عقلا أو بمرجوحية الفعل فتكون
مكروهة عقلا، و بعضها يحكم بعدم الذم و عدم المدح فتكون مباحة عقلا.
و بعضها يجهل الحال فيها و هي الافعال التي لم يطلع العقل على
المصلحة أو المفسدة الموجودة فيها فلا يحكم فيها بشيء.
و أستدل القائلون بالتحسين و التقبيح العقلين:
أولا بالضرورة فإن العقلاء لا يرتابون في حسن الاحسان بمعنى أن فاعله
يستحق المدح أو الثواب من حيث كونه فاعلا له و قبح الظلم و العدوان بمعنى أن فاعله
يستحق الذم و العقاب من حيث كونه