لا بد قبل البحث فيها من الرجوع إلى الأدلة الشرعية في أن الذي ثبت
له الحليه و الطهارة هو المذكى أو ان عنوان الميته هو الذي ثبت له الحرمة و
النجاسة فنقول ان الادلة الشرعية مختلفة جدا ففي بعضها يكون العنوان هو المدكى
كقوله تعالى «إلا ما ذكيتم»، و قوله تعالى «و لا تأكلوا ما لم يذكر اسم اللّه عليه»، و
قوله تعالى «فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه»، و
قوله (ع) في ذيل موثقة ابن بكير «إذا ذكيا ذكاة الدبح»، و بعض الاخبار المعلله
لحرمة الصيد الذي ارسل اليه كلاب الصيد و لم يعلم انه مات بأخذ الكلب المعلم بالشك
في استناد موته إلى المعلم، و ما ورد من جواز ترتيب احكام المذكى على المأخوذ من
يد المسلم أو من سوق المسلمين أو غير ذلك مما هو امارة على التذكية فانه يعطي أن
الطهارة و الحل في اللحوم و الجلود على خلاف الأصل و إلا لما إحتاج في حليتها و
طهارتها إلى قيام الامارة لأن الأمارة لا يصح ان تنصب على ما هو موافق للأصل و
انما تنصب على مخالفته و من هنا ذهب بعضهم إلى أن حصر الشارع للمحرمات يدل على
حلية ما عداها. و في بعضها الآخر يكون العنوان هو الميته كما في قوله تعالى «قل لا أجد فيما اوحي الي محرما»
على ظاهر الآية، و قوله تعالى «حرمت عليكم الميته و
الدم» ما ورد من عدم جواز الصلاة في شيء من الميته أو في جلده و إن دبغ
سبعين مرة، و قول الصادق (ع) في صحيحة الحلبي «وصل فيه حتى تعلم انه ميته بعينه» و
في رواية اخرى «ما علمت انه ميته لا تصل فيه». و ما ورد في تعليل الحكم بحرمة
الطعام الذي مات فيه فارة بأن اللّه حرم الميته من كل شيء إلى غير ذلك، و على هذا
فمقتضى ذلك كون كل منهما عنوانا على حده مستتبعا لحكم مغاير لما يستتبعه الآخر بل
و مقتضى ذلك كون كل منهما أمرا وجوديا إذ لولا ذلك لعبر الشارع عن العدمي منهما