إن العولمة الحضارية بوجهها الإنساني النزيه وبعدها الحضاري المتوازن
لن تجد أرضية ومناخا صالحين إلا في ظل الأطروحة الإلهية المتمثلة بالإسلام خاتم
الرسالات السماوية وكمالها المنشود، وهو القائم على أساس المنطق العقلي والفطرة
السليمة والنهج الواقعي المنزه عن جميع صور الاستكبار والظلم والفساد [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي
فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ
الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ][4].
إن أطروحة أسلمة العالم هي التي ستؤول إليها البشرية من خلال
مخاضاتها المتوالية، وحركتها الواصبة نحو الحق والعدل والسعادة، فيصدق قوله تعالى: [وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ
الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ][5]، وقوله تعالى: [وَنُرِيدُ
أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ
أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ][6].
عولمة الثقافة
إن السياسية الأمريكية التي تعمل للسيطرة على مقدرات العالم الثالث
وفي مقدمته العالم الإسلامي لا تريد أن تنطلق أية دعوة إلى الاستقلال السياسي
والأمني والاقتصادي لتحمي وجودها واقتصادها وثرواتها، بل عملت هذه السياسة
الاستكبارية على منع الاكتفاء الذاتي