نام کتاب : بحوث و مقالات نویسنده : كاشف الغطاء، عباس جلد : 1 صفحه : 280
الانحراف عن الصراط المستقيم:
الانحراف عن الصراط المستقيم وقوع في الظلمات التي لها أنواع كثيرة
يجمعها قوله تعالى: [عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ][1]،
وذكر تعالى المغضوب عليهم والضالين بعنوان الجمع إشارة إلى التعدد والاختلاف وعدم
الوحدة فيه، بخلاف الصراط المستقيم فإنه واحد لا تعدد فيه بوجه، وهو النور الذي لم
يستعمل في القرآن إلَّا مفرداً. كقوله تعالى: [يَهْدِي
اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ][2].
بخلاف الظلمات بالجمع قال تعالى: [اللَّهُ وَلِيُّ
الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ
كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى
الظُّلُمَاتِ][3].
فالنور والصراط المستقيم لا يعقل التعدد فيه لأن مبدأه منه تعالى،
كما أنَّ بقاءه به ومنتهاه إليه، بخلاف الظلمات فإنها مختلفة حسب الاعتقادات
والأهواء الباطلة، قال تعالى: [قَالَ فَبِمَا
أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ
مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ
شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ][4]، وقد انحرفت اليهود عن الصراط
المستقيم وذلك من خلال تحديد أبعاد الصراط المستقيم بذكر ثلاثة أبعاد وحدود له في
سورة الفاتحة، ومن خلالها يمكن أن نفهم معنى الصراط مصداقاً، ففي قوله تعالى: [صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ] فالأبعاد هي النعمة، وغير
المغضوب عليهم، ولا الضالين.
وبقرينة بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن نزول الغضب الإلهي على
اليهود مثل قوله تعالى: [وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ
الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ][5]، وأضاف
إليهم بعض المشركين والمنافقين لهذه القرينة حيث وردت في القرآن