قلنا للسفير الإنكليزي في محاورتنا معه التي نشرت في العام الماضي[1] ان العراق منذ احتلالكم له حتى الآن
يسير من سيء الى أسوء في جميع نواحيه الاقتصادية والعمرانية وغيرهما.
فقال: ما معناه كلا! بل تحسنت الأمور وتقدم العمران وكان قصر الملك
في بغداد يحيط به الماء كل سنة عند الفيضان، وقد صار آمناً من ذلك.
فقلت: ليس المهم قصر الملك بل المهم كوخ الفلاح الذي يشيد منه قصر
الملك، بل وقصر الكريمات مقر فخامتكم في الكرخ كوخ الفلاح الذي يغرق منه كل سنة
الألوف ومئات الألوف من الفلاحين المساكين يهيمون على وجوههم، ومن يسلم من موت
الغرق من عيالهم وأطفالهم يصيحون بلا مأوى، ويستولي التيار على كل ما يملكون من
مقومات الحياة وهكذا دواليك (كل عام وأنتم بخير). الناس منكم بشر واي شر. فأين
العمران والتعمير يا فخامة السفير، وهل هذا الا التدمير.
نعم وكأن ترجمان الغيب شاء ان يصدقني ويحقق نبوءتنا وشاءت الطبيعة او
شاء الله تعالى ان يضرب بغداد هذه السنة بنكبة لم يحدث تاريخ بغداد بمثلها، ولم
يقتصر بلاء الماء على بغداد وحدها بل شمل مناطق واسعة من الحقول والقرى في لواء
الكوت وديالة، ولواء بغداد، وتقدر الخسائر في المزارع والبضائع بنحو عشرين مليون
دينار[2]. خمسة آلاق
صريفة (كوخ) بل أكثر قلعها الفيضان، وهام أهلها على