responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكلم الطيب نویسنده : كاشف الغطاء، علي    جلد : 1  صفحه : 27

كلمة في تأبين استاذنا آية الله العظمى‌

الشيخ كاظم الشيرازي‌

وكَمْ صور لي شخصه الكريم ذكرى محاسن الفضيلة بأعلى مستواها، والنبوغ العلمي بأقصى حدوده فتمثل أمامي آية من آيات الله العظمى، وخزانة من خزائنه الكبرى قد أودع فيها خفايا أسراره ومكنوناته، وحط بها ثقل شرائع أنبيائه ورسله ووصيه في وسط قد كثرت فيه العلماء المفكرون وقام النضال العلمي بينهم على قدم وساق حتى أصبحت المسألة الواحدة فيها من الآراء والأنظار ما لا يكاد يعلم حده إلّا الله.

امتازت مدينة النجف الأشرف، والتي نشأ فيها المؤلف بدقة الرأي وغور الفكر فلا قناعة إلا بحجة ولا هداية إلا ببرهان، والعظمة العلمية لا تنال فيها إلا بثاقب الفكر، والزعامة الدينية لا يحضى بها إلا نافذ البصيرة بعد الكد والتعب والسهر والعناء في معرفة النظريات الأصولية من مآخذها والإطلاع على المسائل اللغوية من مصادرها حيث باب الاجتهاد مفتوح والرأي له قيمته العلمية والنبوغ العلمي في هذا الوسط لا يثبت بالامتحان على النهج المعروف، ولا بالشهادة التي هي صك ضمان المستقبل فيه، وإنما تعرف الفضيلة بالمطارحات وكثرة التدريس، وسعة التأليف، والبراعة في رد الفروع إلى الأصول، والغور في الأعماق والطمس في الأعراق والظفر بالدر في الأصداف، والمرتبة الأخيرة فيه هي مرتبة الاجتهاد لا تنال بغير الكفاءة الحقيقة والمعرفة المستمدة من الحجة والبرهان، وعليه أن يجمع بعد ذلك الصفات الكريمة والسجايا الطيبة مؤهلات الخلافة الإلهية ومزايا الشريعة المحمدية، وقد برع شيخنا (رحمة الله) الشيخ كاظم الشيرازي في هذا الوسط بما يحتكره من سمو الفكر وبطولة العلم، فالتف حوله أفاضل رجال الدين الذين يرشفون من معين مدرسته، ويهتدون بمصابيح قدسه. قد انصرفوا للاستفادة منه، والتحصيل على يديه فكان لهم تحفة ملكوتية، ورسالة سماوية هبطت عليهم بأريج المعرفة، ودلتهم على الصواب بآراء قيمة تدعمها الحجج البالغة، وبنظريات مبتكرة تسندها الأدلة البينة بأسلوب سهل المأخذ، ومنقطع النظير. فكان (رحمة الله) يطرح المسألة العلمية، ويوضح جهات النظر، ويطلب من التلميذ رأيه فيها بعد أن يذكي فيه روح الاستطلاع، وأيده من عنده مهما أمكنه ذلك، ثم يشرح رأيه مبين فساد رأي الباقين فيها فيخرج التلميذ وهو مجتهد فيها على أساس علمي، وتفكير منطقي، لا يشوبه شك، ولا تصرعه شبهة. وكنت من حضر عنده مدة من الزمن تتجاوز الاثنى عشر سنة في علمي الأصول والفقة في أوقات ثلاثة فوجدت فيه من غزارة العلم، ومن سعة الإطلاع منتهاها، وأدهشني تلذذه بالنقاش العلمي على ضوء الكتاب والسنة مهما طالت المدة واتسع نطاق البحث دون ملل ولا سأم، وشاهدت نواديه حتى ما عقده منها لتسلية نفسه وترويح خاطره لا تنفك عن المذاكرة في مهمات المطالب، والمحاورة في أغمض المسائل. ورأيت كثيرا من رجالات العلم إذا أشكل عليهم الأمر وأعياهم فهمه أموا بيته فحل لهم عقدة، وأوضح لهم مشتبهه، وأعطاهم من الجواب أصوبه، ومن القول أحسنه، وقد أنضاف إلى ذلك كله تحليه بالأخلاق الكريمة، والسجايا الفاضلة، وحنانه على طلاب العلوم الدينية، وعطفه العظيم عليهم. فكان ما جمعه من هذا وذاك هو المدعاة إلى أولي البصائر من رجال العلم أن يعتصموا به، ويرجعوا إليه وجعل رجال الدين أن يتمسكوا به في معرفة أحكام رب العالمين ويأخذون منه معالم الدين. وأصبح مرجعا عاما من مراجعهم وحبلا متصلا بينهم وبين الله.

نام کتاب : الكلم الطيب نویسنده : كاشف الغطاء، علي    جلد : 1  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست