responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكلم الطيب نویسنده : كاشف الغطاء، علي    جلد : 1  صفحه : 24

وقرأت الفقه بمذاهبه الخمسة، فرأيت أنه البحر والباقي روافده وسواقيه وإلَّا فنهر جاف وأرض يابسة، وقرأت الأديان السماوية بدقة وإتقان وأطلعت على مذاهبها واتصلت برجالاتها وعلمائها فرأيت ما لمذهبه من الصحة والمطابقة لمقتضيات العقل والعلم والفن ما لا تبلغه البقية مقدار مفحص قطاة. ولكن ويا للأسف هذه النجف الأشرف التي هي أعظم عاصمة دينية لمبادئ الإمام جعفر الصادق (ع) مربض جده أسد الله علي بن أبي طالب (ع) قد أصابتها فتنة خرساء تغشى سحائبها أطراف البلاد الإسلامية ولقطها المستعمرون هنا وهناك دخانا أصابت البصر والبصائر أخرست هذه البلدة المقدسة والتربة الطيبة عن ركب الحياة، وصاروا أتباعا بعد أن كانوا سادة، ورعاة بعد أن كانوا أئمة فيا لرهبة الموقف وسوء المنقلب إنها والله خسارة الأمس وفقدان الأمل بالمستقبل أين رجالكم؟ أين قادتكم؟ أين أبطالكم؟.

اللهم إليك المشتكى وعليك المعول في الشدة والرخاء فقد اضطهدت الفكرة وحوزبت الدعوة ولعبت بنا الأهواء وتحكمت بنا الشهوات.

أيها الركب السائر نحو الله والمتمسك بلواء بيت رسول الله. يمينا غموس لقد أنذرتكم غير مرة أن أعداء الدين وعبدة المادة العمياء قد أعدوا لكم ما استطاعوا لإستئصالكم، وقرروا المناهج والأساليب للعبث بعقائدكم، ودسوا الدسائس ليجعلوكم أيدي سبا وطرائق قددا لا يحفظ لكم من الكرامة الدينية إلَّا تأريخها، ولا من العقيدة الإلهية إلا اسمها فأنتم في أمس الحاجة إلى أيدي عاملة لا يشل حركتها الزمن، وعقول راجحة تسبر الوضع على الوجه الأكمل، ونفوس قوية تذلل كل عقبة كؤود لتوحيد الرأي والعمل. ففي النجف الأشرف مسقط رؤوسكم ثروة علمية وافرة ويخشى عما قريب ضياعها وفيها التراث الديني الموجه للنفوس أحسن توجيه وهو الآن يلفظ النفس الأخير، وفيها العبقرية الوقادة من النمط الأعلى وكاد الوضع الحافز المتفسخ يقضي عليها. وأخذت أصابع الشيطان والسياسة تعبث بكل حركة ترمي لإصلاح الوسط العلمي الديني في هذه المدينة المقدسة، فعليكم وعليكم أن لا تصغوا لصرخات الضلال المحلاق بإبراد الصلاح، فكم وكم مزج السم بالدسم، وكم وكم سلك الشيطان مسالك التقوى للقضاء على أهل التقوى وبالختام استنجد لطف الله لي ولكم.

في المآتم الحسينية

أيها الجمع الكريم الذي ترك الأهل والوطن للزيارة والتعزية لأبي عبد الله الحسين (ع) [سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى‌] [1].

مضت فترة من الزمن الأول وكانت فاجعة الطف تقام ذكرياتها في أندية خاصة بين جماعات مخصوصين. ومنذ تطلع قادة الإسلام إلى ما في ذكريات هذه الحادثة من ثمرات تبعث في نفوس المسلمين الجهاد في سبيل الحق والنضال لنيل المثل العليا وإن أفنى ذلك النفس والأهل والمال. وتفهيم القيم الروحية للدين الإسلامي التي بها يسعد الحال ويحسن المال وتمجيد العترة الطاهرة التي بولائها تقبل الأعمال.

فأنشئوا هذه المواكب والمآتم الحسينية لتكن أداة صالحة تعمل لخدمة المسلمين على ضوء الولاء لأهل البيت (ع) جمع صفوفهم على بساط واحد لإزالة الفوارق الجنسية واتفاق كلمتهم على رأي نافع ليشق لهم من فم الدهر مستقبلا زاهياً زاخراً وتوضيح أهدافهم لإخوانهم ليتعاونوا في الحياة حتى يتحقق لهم مع ممر الدهر جهاز كامل قد ارتبطت به أمتهم برابط العاطفة والفكر والمصلحة المشتركة. هذا نور من أشعة الذكرى لشبل حيدر (ع) وعلى هداه أوجه الكلمات التالية لإخواني المؤمنين وفقني الله تعالى وإياهم لمرضاته مستنجداً لطفه وعنايته عز أسمه لي ولهم فإنه ولي التوفيق والعاقبة للمتقين.

التعاطف بين المواكب‌

أن يكون بين المواكب الحسينية تعاطف وحنان وإلَّا كانت النتيجة ضد الفائدة المقصودة منها، وكان القيام بها سيراً للغاية نبعد به عن الغاية فإن الفائدة منها هو تكتيل الرأي العالم الإسلامي وإكمال تكوينه، بحيث ينتج منه ما يوحد بينهم الكلمة ويؤكد فيهم الأخوة. والتخاصم بين المواكب في المكان والوقت والمسابقة بالخروج والمروق عن حدود النظام ونحوها يكون فتاً في عضد الوحدة وهدماً لجمع الكلمة وهذا ما يسخط أبي الضيم سيد الشهداء (ع) ويحقق الأماني والآمال للأعداء وينكشف به ما كان مخبأ من تفسخ في الأخلاق وتباين في التفكير وأنانية في معالجة القضايا العامة وضعف في الإيمان والعقيدة وبعد في تفهم حقيقة القيم الروحية التي تتكون عليها المدنية الفاضلة. ولعله يرجع بالآخرة إلى الكفر وعدم الإيمان برسالة الحسين (ع) المقدسة. فاجعلوا أيها الزائرين أنفسكم كما تريدون لا كما يريده أعدائكم.


[1] سورة الأعلى من الآية( 6- 19).

نام کتاب : الكلم الطيب نویسنده : كاشف الغطاء، علي    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست